8 المسلمون ملة واحدة

 

  أورد كلمات للشيخ الفيض الكاشاني والعلامة المامقاني والسيد نعمة الله الجزائري على أنها تنافي وحدة المسلمين التي صرح بها السيد الخوئي s، وتناقض قوله " لا يختلف الشيعة عن السنة إلا في الأمور الفقهية " .

  قال نعمة الله الجزائري : إنا لا نلتقي مع السنة على إله ولا نبي ولا إمام فإن الرب الذي نبيه محمد وخليفته أبو بكر ليس بربنا ولا ذلك النبي نبينا .

 

  نقول : السيد الجزائري في الفقرات السابقة على هذا الكلام يتحدث عن الأشاعرة فقال في ( الأنوار النعمانية ) :

" أما الأشاعرة فقالوا أن مع الله تعالى معاني قديمة موجودة في الخارج كالقدرة وغير ذلك فمعرفتهم له سبحانه على هذا الوجه باطل وأفادتهم الكلمة الإسلامية حقن الدماء والأموال في الدنيا فقد تباينا وانفصلنا عنهم في باب الربوبية فربنا من تفرد بالقدم والأزل وربهم من كان شركاؤه في القدم ثمانية " (1) .

  فمن الواضح أنه يتحدث عن صفات الله عز وجل وأننا لا نؤمن مثلهم بإله له تلك الصفات فلذا لا نلتقي في تفاصيل الاعتقاد بالله ، فحينما ينتقل إلى العبارة المذكورة " ونحن لا نقول بذلك الرب ولا بذلك النبي " فمن الواضح أنه يقصد لا نقول بذلك الرب الذي تضعون له تلك الصفات وتلك الأعمال ، وإلا عبارته " وأفادتهم الكلمة الإسلامية حقن الدماء " صريحة في أنه لا يحكم بكفر من ذهب إلى تلك الصفات للخالق .

 

  ثم نقل قول العلامة الفيض الكاشاني : " من جحد إمامة أحدهم فهو بمنزلة من جحد نبوة جميع الأنبياء " (1)  .

  نقول : الجحود لا يساوق الإنكار وعدم الإيمان بعقيدة ما ، فجاحد الزكاة يختلف عمن التبست عليه الأمور فلم يعرف بوجوب الزكاة ، فالأول هو المنكر للضروري وهو كافر مع الإلتفات وأما الثاني فهو جاهل ، ومن ينكر الأئمة g مع علمه بأن ذلك من شريعة خاتم المرسلين B كافر وليس أهل السنة كذلك بل هم ينكرون أنها من الشريعة ولا يسمى هذا جحودا . 

  ومن قوله ( بمنزلة ) يتضح أنه يريد أن يبين قيمة وأهمية الإمامة لا القول أن مجرد عدم الاعتقاد بها يخرج عن الملة ، ولم يكن بصدد بيان عقيدتهم في أهل السنة ، والشيعة يعتقدون أن الإمامة من أصول الدين ، ولكن علمائهم صرحوا بأن إنكار الإمامة وعدم قبولها لا يخرج عن ملة ودين الإسلام ، مالم يكن جحودا لما علم من الدين .

  ثم نقل عبارة العلامة المامقاني : " غاية ما يستفاد من الأخبار جريان حكم الكافر والمشرك في الآخرة على كل من لم يكن اثنا     عشريا " (1) .

  إن العلامة المامقاني بصدد الرد على احتمال أن يقول قائل بأن من لا يعتقد بالإمامة فهو كافر في الدنيا فعبارة العلامة تعني بأننا إذا أردنا أن نحمل هذه الروايات على شيء فهي تحمل على الكفر الأخروي لا في الدنيا وهذا أقصى ما يستفاد منها ولا دلالة فيها على كفر منكر الإمامة ، وهذا يشبه ما مر من محاولات علماء السنة لتفسير بعض الروايات التي ورد فيها الحكم بكفر فاعل بعض الأعمال التي نقطع بإيجابها الفسق دون الكفر مثل قوله B : " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " وقوله B : " لا ترتدوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



(1) الأنوار النعمانية - ج2 ص277

(1) منهاج النجاة - ص 48

(1)  تنقيح المقال - ج1 ص 208