27 سفاهات سميت مآخذ على علي d

 

   قيل : " فإننا لا نحصي لعلي بن أبي طالب سيئة واحدة من كتب الفريقين بينما نجد لغيره مساوئ كثيرة في كتب أهل السنة كالصحاح وكتب السير والتاريخ " .

  ورد الكاتب ردا قبيحا وقال : " ترددت في الكتابة عنها- أخطاء علي- وفي النهاية ترجح عندي أن أذكرها لإسكات أصوات تعالت بالباطل وفي الحقيقة إن المآخذ التي على علي في كتب الشيعة أعظم بكثير بل لا تقارن بما في كتب السنة " .

 

 نقول : كان أسلافه أكثر تأدبا وأقرب للحقائق فقد نقل ابن الجوزي في ( المنتظم ) : " عن أبي سعيد الخرقي قال : حدثني عبد الله بن احمد بن حنبل قال : سألت أبي قلت : ما تقول في علي ومعاوية ؟ فأطرق ثم قال : يا بني ، إيش أقول فيهما ، اعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش له أعداؤه عيبا فلم يجدوا ، فجاءوا إلى رجل قد حاربه وقاتله فوضعوا له فضائل كيدا منهم له " (1) ، وأورده كذلك ابن حجر في ( فتح الباري ) (2) وجلال الدين السيوطي في ( تاريخ الخلفاء ) (3) . 

  وأما هذا الناصب الذي تجرأ وسطر مطالب هي أوهن من بيت العنكبوت  وليست في الحقيقة إلا مخاز للكاتب لا مآخذ على إمام المتقينd  .

  وهو لم يكتف بنقل روايات لا قيمة لها وفق المقاييس الحديثية والرجالية عند الشيعة أو لا دلالة لها على مدعياته ، بل تجده يزيف في النقل كي يثبت ويوصم عليا d بما يدور في خلده المريض .

  إن من يقول لا نحصي لعلي سيئة واحدة لا يرد عليه بروايات ضعيفة أو موضوعة في بعض الكتب ثم يقال له أن هذه سيئات ثبتت لعلي d .

  وهنا نذكر بأنه يشتم ويسب ويلعن الكاذبين على رسول الله B حينما ينقل حديث من مسند أحمد بن حنبل أو غيره من المسانيد والسنن لأن الناقل لم يتحقق من صحته ، وفي الوقت نفسه يقوم هو بذات الفعل ، فينقل روايات من كتب الشيعة دون التحقق من كونها صحيحة عندهم أم لا ؟ بل يستند إلى مجرد وجودها في كتبهم على إثبات أن الشيعة يقبلون بها ، كم هو أعمى من يشتم الغير لأفعال لا يتورع هو عن القيام بأشد منها ؟ وأما الموارد التي ذكرها .

 

أولا : الموارد التي ذكرها من كتب السنة :

المورد الأول :

  قال : روى البخاري عن عكرمة قال : إن عليا حرق قوما فبلغ ابن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم لأن النبي B قال : لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم كما قال رسول الله B من بدل دينه فاقتلوه .

  نقول : مادام صرح بأن الراوي للحديث هو عكرمة فمن الجدير عرض ما ذكره ابن حجر العسقلاني عن عكرمة هذا في مقدمته على شرح البخاري حينما يتعرض لرجال البخاري الذين طعن فيهم ، يقول :

" عكرمة أبو عبد الله مولى بن عباس احتج به البخاري وأصحاب السنن وتركه مسلم فلم يخرج له سوى حديث واحد في الحج مقرونا بسعيد بن جبير وإنما تركه مسلم لكلام مالك فيه وقد تعقب جماعة من الأئمة ذلك وصنفوا في الذب عن عكرمة فأما أقوال من وهاه فمدارها على ثلاثة أشياء على رميه بالكذب ، وعلى الطعن فيه بأنه كان يرى رأي الخوارج ، وعلى القدح فيه بأنه كان يقبل جوائز الأمراء فهذه الأوجه الثلاثة يدور عليها جميع ما طعن به فيه " (1) .

 ثم أخذ ابن حجر في عد من كذب عكرمة فقال :

 " فالوجه الأول فيه أقوال فأشدها ما روى عن ابن عمر أنه قال لنافع : لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس ، وكذا ما روى عن سعيد بن المسيب أنه قال ذلك لبرد مولاه ، فقد روى ذلك عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن سعيد بن المسيب ، وقال إسحاق بن عيسى بن الطباع سألت مالكا أبلغك أن ابن عمر قال لنافع : لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس ، قال : لا ، ولكن بلغني أن سعيد بن المسيب قال ذلك لبرد مولاه ، وقال جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة مقيد عنده ، فقلت : ما لهذا ؟ قال : إنه يكذب على أبي ، وروى هذا أيضا عن عبد الله بن الحارث أنه دخل على علي ، وسئل ابن سيرين عنه ، فقال : ما يسوءني أن يدخل الجنة ولكنه كذاب ، وقال عطاء الخراساني قلت : لسعيد بن المسيب إن عكرمة يزعم أن رسول الله B تزوج ميمونة وهو محرم فقال : كذب مخبثان .

  وقال فطر بن خليفة قلت لعطاء : إن عكرمة يقول سبق الكتاب الخفين ، فقال : كذب سمعت ابن عباس يقول : أمسح على الخفين وإن خرجت من الخلاء ، وقال عبد الكريم الجرزي : قلت لسعيد بن المسيب : إن عكرمة كره كرى الأرض ، فقال : كذب سمعت ابن عباس يقول : إن أمثل ما أنتم صانعون استئجار الأرض البيضاء .

  وقال وهب بن خالد : كان يحيى بن سعيد الأنصاري يكذبه ، وقال إبراهيم بن المنذر عن معن بن عيسى وغيره : كان مالك لا يرى عكرمة ثقة ويأمر أن لا يؤخذ عنه ، وقال الربيع : قال الشافعي وهو يعني مالكا سيء الرأي في عكرمة قال : لا أرى لأحد أن يقبل حديث عكرمة ، وقال عثمان بن مرة قلت للقاسم : إن عكرمة قال : كذا ، فقال : يا ابن أخي إن عكرمة كذاب يحدث غدوة بحديث يخالفه عشية .

  وقال الأعمش عن إبراهيم لقيت عكرمة فسألته عن البطشة الكبرى ، فقال : يوم القيامة ، فقلت : إن عبد الله يعني ابن مسعود كان يقول البطشة الكبرى يوم بدر ، فبلغني بعد ذلك أنه سئل عن ذلك فقال : يوم بدر .

  وقال القاسم بن معن بن عبد الرحمن : حدثني أبي حدثني عبد الرحمن ، قال : حدث عكرمة بحديث فقال : سمعت ابن عباس يقول كذا وكذا ، قال فقلت : يا غلام هات الدواة قال : أعجبك فقلت : نعم ، قال : تريد أن تكتبه قلت : نعم قال : إنما قلته برأيي .

  وقال ابن سعد قال كان عكرمة بحرا من البحور وتكلم الناس فيه وليس يحتج بحديثه فهذا جميع ما نقل عن الأئمة في تكذيبه على الإبهام " (1) .

  فهل يمكن بعد ذلك الإلتفات إلى الدفاع عن البخاري في الاعتماد عليه كما حاول أن يقوم بذلك ابن حجر وبعض المتعبدين بصحة كل ما في البخاري ؟

  ثم أن ابن حجر نفسه في كتاب الجهاد من ( الفتح ) قال : " وفي رواية بن أبي عمر ومحمد بن عباد عند الإسماعيلي جميعا عن سفيان قال : رأيت عمرو بن دينار وأيوب وعمارا الدهني اجتمعوا فتذاكروا الذين حرقهم علي فقال أيوب فذكر الحديث ، فقال عمار :لم يحرقهم ولكن حفر لهم حفائر وخرق بعضها إلى بعض ثم دخن عليهم " (1) .

  إذن هناك من ينكر الحادثة وإنه لم يكن إحراق في البين .

  وذهب ابن جرير الطبري في كتابه ( تهذيب الآثار ) (2) ، مسند علي B أن الذي حدث هو قتلهم ثم إحراق جيفهم وأورد أخبار كثيرة تثبت ذلك ، وذكر خبر الغلاة وفيه : " فضرب أعناقهم ، ثم حفر لهم حفر النار وألقاهم فيها " (3) .

إضافة إلى ذلك فهناك سؤال : على فرض صحة الحديث من أين الجزم بصحة رأي ابن عباس وخطأ علي B ؟

  لاحظ ما ذكره ابن حجر في ( الفتح ) في كتاب استتابة المرتدين : " فبلغ ذلك  عليا ، فقال : ويح أم ابن عباس ، كذا عند أبي داود وعند الدارقطني بحذف أم وهو محتمل أنه لم يرض بما اعترض عليه ورأى أن النهي للتنزيه كما تقدم بيان الاختلاف فيه ، وسيأتي في الحديث الذي يليه مذهب معاذ في ذلك وأن الإمام إذا رأى التغليظ بذلك فعله ، وهذا بناء على تفسير كلمة ويح بأنها رحمة فتوجع له لكونه حمل النهي على ظاهره فاعتقد التحريم مطلقا فأنكر " (1) .

  وقال ابن حجر : " قوله ( فأمر به فقتل ) في رواية أيوب فقال : والله لا أقعد حتى تضربوا عنقه ، وفي رواية الطبراني التي أشرت إليها : فأتى بحطب فألهب فيه النار فكتفه وطرحه فيها ويمكن الجمع بأنه ضرب عنقه ثم ألقاه في النار ويؤخذ منه أن معاذا وأبا موسى كانا يريان جواز التعذيب بالنار وإحراق الميت بالنار مبالغة في إهانته وترهيبا عن الإقتداء به " (2) .  

 

 المورد الثاني:

  قال : روى البخاري عن علي بن أبي طالب : أن رسول الله طرقني وفاطمة ليلة فقال : ألا تصليان ؟ فقلت : يا رسول الله أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا ، فانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلي    شيئا ، ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه وهو يقول : ] وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً [ .

  نقول : الحديث صحيح وفق المقاييس الرجالية المشهورة عند علماء الحديث من أهل السنة ، ولكن اشتهار علي d بالعبادة وقيام الليل هو أمر معروف عند جميع العلماء ، ويكفي ذلك لكي يوصف هذا الحديث بالشذوذ ؟ لكنها ضوابط ذكروها لكي تجرى في بعض الروايات دون الأخرى والمقياس هو الأهواء ، والشذوذ واضح إلى درجة ترى أن علماءهم يصرحون بورود الإشكال على المتن مع تبنيهم لصحة الرواية .

  قال الألوسي في تفسيره بعد نقله الرواية المذكورة : " لا شبهة في الحديث إلا أن فيه إشكالا يعرف بالتأمل ، ولا يدفعه ما ذكره النووي حيث قال : " المختار في معناه أنه تعجب من سرعة جوابه وعدم موافقته له على الاعتذار بهذا ولهذا ضرب فخذه ، وقيل : قال B ذلك تسليما لعذرهما وأنه لا عتب " (1) .

  فترى أن المحاولات التي يسعى بها علماء السنة في شرح الحديث تنبع من شذوذ الحديث ونكارة متنه في حق علي d ، وكم من حديث صحيح الإسناد يرفضونه لأنه شاذ ومع ذلك يقبلون مثل هذا الحديث ويضعونه في الصحاح .

  ألا يرون أن هذا الحديث ينافي قوله تعالى في حق الصحابة : ] تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا [ (2) ، وعلي d أولهم ودخوله فيهم متفق عليه بين الشيعة والسنة ، ولذا ترى بعضهم حاول أن يبين الحادثة المزعومة بشكل لا يبدو فيها منقصة لعلي d .

  فقد نقل ابن حجر في ( فتح الباري ) عن ابن بطال عن المهلب قال : " فيه أنه ليس للإمام أن يشدد في النوافل حيث قنع B بقول علي k : أنفسنا بيد الله ، لأنه كلام صحيح في العذر عن التنفل ولو كان فرضا ما عذره ، قال : وأما ضربه فخذه وقراءته الآية فدال على أنه ظن أنه أحرجهم فندم على إنباههم كذا " (3) .

  وذكر ابن حجر في ( الفتح ) : " ونقل ابن بطال عن المهلب ما ملخصه أن عليا لم يكن له أن يدفع ما دعاه إليه النبي B من الصلاة بقوله ذلك بل كان عليه الاعتصام بقوله ، فلا حجة لأحد في ترك المأمور انتهى ، ومن أين له أن عليا لم يمتثل ما دعاه إليه فليس في القصة تصريح بذلك ، وإنما أجاب علي بما ذكر اعتذارا عن تركه القيام بغلبة النوم ، ولا يمتنع أنه صلى عقب هذه المراجعة إذ ليس في الخبر ما ينفيه .

  وقال الكرماني حرضهم النبي B باعتبار الكسب والقدرة الكاسبة ، وأجاب علي باعتبار القضاء والقدر ، قال : وضرب النبي B فخذه تعجبا من سرعة جواب   علي ، ويحتمل أن يكون تسليما لما قال .

  وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة : في هذا الحديث من الفوائد مشروعية التذكير للغافل خصوصا القريب والصاحب لأن الغفلة من طبع البشر فينبغي للمرء أن يتفقد نفسه ومن يحبه بتذكير الخير والعون عليه ، وفيه أن الاعتراض بأثر الحكمة لا يناسبه الجواب بأثر القدرة وأن للعالم إذا تكلم بمقتضى الحكمة في أمر غير واجب أن يكتفي من الذي كلمه في احتجاجه بالقدرة ، يؤخذ الأول من ضربه على فخذه ، والثاني من عدم إنكاره بالقول صريحا ، قال : وإنما لم يشافهه بقوله ] وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً [ (1) لعلمه أن عليا لا يجهل أن الجواب بالقدرة ليس من   الحكمة ، بل يحتمل أن لهما عذرا يمنعهما من الصلاة فاستحيا علي من ذكره ، فأراد دفع الخجل عن نفسه وعن أهله فاحتج بالقدرة ، ويؤيد رجوعه B منهم مسرعا .

  قال : ويحتمل أن يكون علي أراد بما قال استدعاء جواب يزداد به فائدة ، وفيه جواز محادثة الشخص نفسه بما يتعلق بغيره ، وجواز ضربه بعض أعضائه عند التعجب وكذا الأسف " (1) انتهى كلام ابن حجر .

  والقارئ يرى التكلف والجهد المبذول في شرح الحديث بالشكل الذي يحرص فيه علماء الحديث أن لا يتعارض مع العلم بعبادة وخضوعه d للنبي B وبين رفضه القيام للصلاة ، كل ذلك لتقيدهم بمقولة أن كل ما في كتاب البخاري صحيح ، هذه المقولة التي لم يرد فيها كتاب ولا سنة ، وأما أهل الجهالة فكل جهدهم الإساءة إلى علي d لأنهم من سنخ معاوية .

 

علة الحديث

  ويغلب على الظن أن علة الحديث هو ابن شهاب الزهري عالم البلاط الأموي فقد نقل عنه ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) الواقعة التالية والكلام للزهري قال : " قال لي - عبد الملك بن مروان - قد فرضت لك فرائض أهل بيتك ثم التفت إلى قبيصة فأمره أن يثبت ذلك في الدواوين ، ثم قال : أين تحب أن يكون ديوانك       مع أمير المؤمنين هاهنا أم تأخذه ببلدك ، قال : قلت يا أمير المؤمنين أنا معك فإذا أخذت الديوان أنت وأهل بيتك أخذته ، قال : فأمر بإثباتي ونسخة كتابي أن يوقع بالمدينة ، قال : ثم خرج قبيصة بعد ذلك قال : إن أمير المؤمنين قد أمر أن يثبت في صحابته وأن يجرى عليك رزق الصحابة وأن يرفع فريضتك إلى أرفع منها فأكرم باب أمير المؤمنين ولزمت عسكر عبد الملك وكنت أدخل عليه كثيرا ، قال : وجعلني عبد الملك فيما يسائلني يقول من لقيت فجعلت أسمي له وأخبره بمن لقيت من قريش لا أعدوهم قال : وتوفي عبد الملك بن مروان فلزمت الوليد بن عبد الملك حتى توفي ثم سليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز ويزيد بن عبد الملك فاستقضى يزيد ابن عبد الملك على قضائه الزهري وسليمان بن حبيب المحاربي جميعا قال : ثم لزمت هشام بن عبد الملك قال : وحج هشام سنة ست ومئة وحج معه الزهري فصيره هشام مع ولده يعلمهم ويفقههم ويحدثهم ونجح معهم فلم يفارقهم حتى مات بالمدينة " (1) .

 وقال ابن عساكر :

" قال - الزهري - : فخرجت فتجهزت حتى قدمت المدينة فجئت سعيد بن المسيب في مجلسه في المسجد فدنوت لأسلم عليه فدفع في صدري ، وقال : انصرف وأبى أن يسلم علي قال : فخشيت أن يتكلم بشيء يعيبني به فيرويه من حضره قال : فتنحيت ناحية قال : واتبعته ليخلو فلما خلا وبقي وحده مشيت إلى جنبه فقلت : يا أبا محمد ما ذنبي أنا ابن أخيك ومن مؤديك قال : فما زلت أعتذر إليه وأتنصل إليه وما يكلمني بحرف وما يرد علي بكلمة حتى إذا بلغ منزله واستفتح ففتح له فأدخل رجله ثم التفت إلي فقال : أنت الذي ذهبت بحديثي إلى بني مروان ؟ " (2) .

 ونقل ابن عساكر في نفس الجزء :

 " عن نافع بن مالك عم مالك بن أنس قال : قلت للزهري : أما بلغك أن رسول الله B قال : ( من طلب شيئا من العلم الذي يراد به وجه الله يطلب به شيئا من عرض الدنيا دخل النار ) فقال الزهري : لا ما بلغني هذا عن رسول الله B فقلت له : كل حديث رسول الله B بلغك ؟ قال : لا ، قلت : فنصفه ؟ قال : عسى ،  قلت : فهذا في النصف الذي لم يبلغك " (1) .

 ونقل عن الشافعي قوله :

" يقولون نحابي ولو حابينا لحابينا الزهري ، وإرسال الزهري ليس بشيء وذاك أنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم " (2) .

  ونقل : عن يزيد بن الهذلي عن مكحول قال : " إنما الزهري عندنا بمنزلة الجراب يؤكل جوفه ويلقى ظرفه " . 

  وعن علي بن حوشب الفزاري قال : " سمعت مكحولا وذكر الزهري ، فقال : كل كليله وكانت به لكنة ، قال يزيد : قل قليله أي رجل هو لولا أنه أفسد نفسه بصحبة الملوك " (3) .

  ونقل عن عمرو بن رديح قال : " كنت مع ابن شهاب الزهري نمشي فرآني عمرو بن عبيد فلقيني بعد فقال : ما لك ولمنديل الأمراء يعني ابن شهاب " (4) .

  ومن هنا قدح فيه ابن معين كما في ( تهذيب التهذيب ) عند ترجمته للأعمش قال : "حكى الحاكم عن ابن معين أنه قال : أجود الأسانيد الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ، فقال له إنسان : الأعمش مثل الزهري ، فقال : تريد من الأعمش أن يكون مثل الزهري ؟ الزهري يرى العرض والإجازة ويعمل لبني أمية والأعمش فقير صبور مجانب للسلطان ورع عالم بالقرآن " (5) .

  وروى الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) عن أبو داود حدثنا شعبة قال : " خرجت أنا وهشيم إلى مكة فما قدمنا مكة مررت به وهو قاعد مع الزهري فقلت : أبا معاوية من هذا ؟ قال : شرطي لبني أمية فلما قفلنا ، جعل يقول حدثنا الزهري فقلت: وأين رأيته ؟ قال : الذي رأيتـه معي ، قلت : أرني الكتاب فأخرجه فخرقته " (1) . 

  وروى ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) عن إبراهيم الجعفري قال : كنت عند الزهري أسمع منه فإذا عجوز قد وقفت عليه فقالت : يا جعفري لا تكتب عنه فإنه مال إلى بني أمية وأخذ جوائزهم ، فقلت : من هذه ؟ قال : أختي رقية خرفت ، قالت : خرفت أنت كتمت فضائل آل محمد (2) . 

  فهل بعد كل تلك الخدمة للزهري في البلاط الأموي ولآل مروان الذين انشغلوا بسب علي d مدة سبعين عاما على منابرهم وكتمان فضائل آل البيتg  وذلك البغض الشديد لعلي d يمكن أن تقبل رواية من الزهري في حق علي d ولمجرد أن البخاري نقلها في صحيحه ؟

 

المورد الثالث :

 قال : يثير الشيعة دائما مسألة إغضاب أبي بكر لفاطمة على قصة فدك ويقولون أن أبا بكر أغضب فاطمة ومن أغضب فاطمة أغضب رسول الله ومن أغضب رسول الله أغضب الله ، ثم نقل عن مسلم خبر خطبة علي d ابنة أبي جهل وتأذي فاطمة إلى أن يقول : من الذي أغضب فاطمة ؟

  نقول : هذا الكلام يمكن أن ينفع من يتعبد بصحة كل ما في البخاري ومسلم ويضع عقله والعلم جانبا ، وأما من لا يؤمن بهذه الأسطورة المنسوجة في الفكر السني ، فلا يسلم بصحة ما ورد من خطبة علي ابنة أبي جهل وغضب رسول الله B تبعا لغضب ابنته  .

  ومن يتأمل في الرواية لا بد أن يتساءل كيف يكون النبي B مرسل من ربه بشريعة ثم يكون أول الناس الذين يرفضون تطبيق أحكامها التي تؤذيهم ، ويجهر بذلك على المنابر وأمام الملأ لكون فاطمة " بضعة منه يؤذيها ما يؤذيه " ؟ فماذا بقي من كونه أسوة وقدوة وضعه الله تعالى للناس جميعا ؟!

  أن رسول الله B أول الناس في رفض الأهواء والتسليم لحكم الله عز وجل وكيف تكون فاطمة سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة j بقول النبي B ثم هي تغضب من حلال أحله الله ، وهل الإيمان يكون بتحكيم الهوى في قبول الأحكام ؟ أو هل هذه أخلاق رسول الله B في صحيح مسلم ؟ أو هل هذه هي التربية النبوية لفاطمة j ؟

  وهل نتمسك برواية ونعتبر صحتها لأن مسلم رواها في صحيحه بينما نرتضي أن يطعن رسول الله B في ولائه لأحكام ربه .

  نعم نحن بين خيارين أن نحكم بأن الرواية غير صحيحة وإن وردت فيما سميت بالصحاح ، أو نقول أن رسول الله B يترفع أن يطبق أحكام الله على نفسه في الحالات التي تؤذيه ، وفي اختيار الأمر الأول السلامة لديننا .

  هذا من جهة متن ومعنى الحديث ، أما من جهة السند :

  فالحديث في البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة مروي عن طريق المسور بن مخرمة ، وانفرد الترمذي بروايته عن ابن الزبير  .

  أما رواية الترمذي من طريق ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير ففي ذلك يقول ابن حجر في ( فتح الباري ) : " وخالفهم أيوب فقال عن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير ، أخرجه الترمذي وقال : حسن ، والذي يظهر ترجيح رواية الليث لكونه توبع ولكون الحديث قد جاء عن المسور من غير رواية ابن أبي مليكة " (1) .

  وكذلك قال : " أخرجه الترمذي وصححه وقال : يحتمل أن يكون ابن أبي مليكة سمعه منهما جميعا ، ورجح الدارقطني وغيره طريق المسور والأول أثبت بلا  ريب لأن المسور قد روى في هذا الحديث قصة مطولة قد تقدمت في باب أصهار النبي B نعم يحتمل أن يكون ابن الزبير سمع هذه القطعة فقط أو سمعها من المسور فأرسلها " (2) .

 وهذا الأخير هو الصحيح والظاهر ، ولو سلم أنه سمعه من ابن الزبير فهو والمسور سواء في العداء لأهل البيت g كما سيأتي .

 نعم روى الحاكم الخبر في ( المستدرك ) (3) ولكن بسند مرسل عن سويد بن غفلة ، وعلق الذهبي في التلخيص على الخبر : بأنه مرسل قوي ، وقال في ( سير الأعلام ) عن سويد : قيل له صحبة ولم يصح ، ورواه عن أبي حنظلة رجل من أهل مكة وعلق عليه الذهبي بقوله : مرسل ، وروى ثالثا الخبر عن عبد الله بن الزبير (4) .

  فالحق أنه لا يوجد صحابي ينقل الخبر غير المسور ، وقد صرح في الرواية بقوله :   " سمعت رسول الله B يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم فقال إن فاطمة مني " .

 قال ابن حجر في ( الفتح ) :

" قال ابن سيد الناس هذا غلط والصواب ما وقع عند الإسماعيلي بلفظ كالمحتلم ، أخرجه من طريق يحيى بن معين عن يعقوب بن إبراهيم بسنده المذكور إلى علي بن الحسين قال والمسور لم يحتلم في حياة النبي B لأنه ولد بعد ابن الزبير فيكون عمره عند وفاة النبي B ثمان سنين " (1) .

          وقال ابن حجر في ( تهذيب التهذيب ) في ترجمة المسور : " ووقع في صحيح مسلم من حديثه في خطبة علي لابنه أبي جهل قال المسور سمعت النبي B وأنا محتلم يخطب الناس فذكر الحديث وهو مشكل المأخذ لأن المؤرخين لم يختلفوا أن مولده كان بعد الهجرة وقصة خطبة علي كانت بعد مولد المسور بنحو من ست سنين أو سبع سنين فكيف يسمى محتلما " (2) .

  أفلا تعجب أيها القارئ خطبة يذكر بها رسول الله B أمرا مثل هذا لا يحفظه من الصحابة إلا صحابي كان عمره ست أو سبع سنين حين الخطبة !!

  وقد أجاد ابن الحجر التعليق على قول المسور بن مخرمة لعلي بن الحسين حين قدومه المدينة من عند يزيد بن معاوية حين مقتل حسين بن علي رحمة الله عليه :     " هل لك إلي من حاجة تأمرني بها ؟ فقلت - أي علي بن الحسين - له : لا ،  فقال : هل أنت معطي سيف رسول الله B ؟ فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه ؟ وأيم الله لئن أعطيتنيه لا يخلص إليهم أبدا حتى تبلغ نفسي ، إن علي بن أبي طالب خطب ابنة أبي جهل على فاطمة ، وساق الخبر المروي في البخاري .

  قال ابن حجر في ( الفتح ) : " ولا أزال أتعجب من المسور كيف بالغ في تعصبه لعلي بن الحسين حتى قال : أنه لو أودع عنده السيف لا يمكن أحدا منه حتى تزهق روحه ، رعاية لكونه ابن ابن فاطمة محتجا بحديث الباب ، ولم يراع خاطره في أن ظاهر سياق الحديث المذكور غضاضة على علي بن الحسين لما فيه من إيهام غض من جده علي بن أبي طالب حيث أقدم على خطبة بنت أبي جهل على فاطمة حيث اقتضى أن يقع من النبي في ذلك من الإنكار ما وقع .

  بل وأتعجب من المسور تعجبا آخر أبلغ من ذلك وهو أن يبذل نفسه دون السيف رعاية لخاطر ولد ابن فاطمة وما بذل نفسه دون ابن فاطمة نفسه أعني الحسين والد علي الذي وقعت له معه القصة حتى قتل بأيدي ظلمة الولاة " (1) .

  فابن حجر يورد أمرين :

  الأول : كيف يذكر المسور لعلي بن الحسين ما يجرح عواطفه بهذه القصة في الوقت الذي يريد إظهار ما في نفسه من حب له ، كتمهيد لطلب سيف رسول الله B   منه ؟

  الثاني : إذا كان هذا الحب لآل النبي B عند المسور لماذا لم يساهم في نصرة الحسين d ضد ظلمة الولاة بنفسه في حين أنه يدعي أنه يبذل نفسه للسيف ، هل السيف أهم وأشرف من آل الرسول B ؟! وهنا حاول ابن حجر أن يبرر تصرف المسور بما لا يجدي .

  ثم ذكر ابن حجر إشكالا آخر يخدش الرواية في كتاب فرض الخمس في بيان مناسبة ذكر قصة السيف مع خطبة علي لابنة أبي جهل : " وقال الكرماني : مناسبة ذكر المسور لقصة خطبة بنت أبي جهل عند طلبه السيف من جهة أن رسول الله كان يحترز عما يوجب وقوع التكدير بين الأقرباء ، أي فكذلك ينبغي أن تعطيني السيف حتى لا يحصل بينك وبين أقربائك كدورة بسببه ، أو كما أن رسول الله كان يراعي جانب بني عمه العبشميين فأنت أيضا راع جانب بني عمك النوفليين لأن المسور نوفلي (1) .

  ثم قال ابن حجر : " كذا قال ، والمسور زهري لا نوفلي ( وهو رد ابن حجر على الكرماني ) ، قال : أو كما رسول الله كان يحب رفاهية خاطر فاطمةj  فأنا أيضا أحب رفاهية خاطرك لكونك ابن ابنها فاعطني السيف حتى أحفظه لك .

 قلت : وهذا الأخير هو المعتمد وما قبله ظاهر التكلف ، وسأذكر إشكالا يتعلق بذلك في كتاب المناقب " انتهى كلام ابن حجر .

  وهذا المعتمد عند ابن حجر مردود بأنه إذا كان ذكر القصة ليظهر المسور لعلي بن الحسين h أنه يحب رفاهية خاطره فأي خصوصية للسيف ، فعلي بن الحسين h قد قدم إلى المدينة بعد مقتل الحسين d بحرم رسول الله B من نساء ثكلى وأطفال يتامى ، فهل رفاهية الخاطر وإظهار المحبة لأبناء فاطمة j في مثل هذا الحال يكون في ضمان حفظ سيف رسول الله B من أيدي الظلمة فقط ؟

  وعلى فرض صحة القصة كيف نجيب على هذه التساؤلات ؟

إذ تضمنت خطبة النبي B على المنبر كما ذكر البخاري عبارة : " وإني لست أحرم حلالا ولا أحل حراما ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله أبدا " .

  ونتساءل ما معنى هذا الكلام ؟ فهل يعقل أن رسول الله B يظهر بهذا المظهر الحاد في رفض حكم عام من أحكام الله العامة لأنها ستطبق على ابنته .

   والنبي B أقر بأن عليا d لم يرتكب حراما ، فأقصاه أن يكون النهي تنزيهيا مراعاة لفاطمة الزهراء j ولكنه مع ذلك صعد المنبر وأعلن القصة على الملأ وشهر بعلي d ، فهل هذا الأمر يتلاءم مع شأن رسول الله B الذي ثبت من أنه " كان إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل : ما بال فلان يقول ، ولكن يقول : ما بال أقوام يقولون كذا وكذا " ، وكذلك ورد عنه " كان رسول الله B قل ما يواجه رجلا في وجهه بشيء يكرهه " .

  وقد التفت ابن حجر إلى هذه الناحية حيث قال : " وكان النبي B قل أن يواجه أحدا بما يعاب به " ، ثم اعتذر قائلا : " ولعله إنما جهر بمعاتبة علي مبالغة في رضا فاطمة j" (1) .

  نعم الأمر معقول مع وجود حكم خاص بفاطمة j ، فيحرم الزواج على سيدة نساء العالمين ، وبناء على كون الأمر على هذا النحو الطبيعي أن يصرح رسول الله B بذلك ،كما أنه لا يتناسب مع قوله إني لا أحرم حلالا ، ولا مع تصوير الأمر بأنه خاص بالمورد بملاحظة عبارة لا تجتمع بنت رسول الله B مع بنت عدو الله بحيث لو كان غيرها لما اعترض ، ولا مع عبارة إني أخاف أن تفتن في دينها .

  نعم السياق المعقول لمثل ذلك بناء على الرؤية السنية هو ما رواه الحاكم في         ( المستدرك ) من أن عليا استشار النبي B وقال له : أتأمرني بها ، فقال : لا فاطمة مضغة مني ولا أحسب إلا وأنها تحزن وتجزع ، فقال علي : لا آتي شيئا تكرهه (2) ، ولكن كما قلنا هو خبر مرسل .

  ويكفي لرفض الخبر ما رواه الشيخ الصدوق في (الأمالي ) كما عن ( البحار ) عن علقمة قال : قلت للصادق d : يا ابن رسول الله إن الناس ينسبوننا إلى عظائم الأمور وقد ضاقت بذلك صدورنا فقال d : " يا علقمة إن رضا الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط وكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحجج الله g ألم ينسبوا نبينا محمدا B إلى أنه شاعر مجنون ؟ ألم ينسبوه إلى أنه هوى امرأة زيد بن حارثة فلم يزل بها حتى استخلصها لنفسه ؟ .

  وما قالوا في الأوصياء أكثر من ذلك ألم ينسبوا سيد الأوصياء عليهم السلام إلى أنه يطلب الدنيا والملك ؟ ألم ينسبوه إلى أنه d أراد أن يتزوج ابنة أبي جهل على فاطمة j وأن رسول الله B شكاه على المنبر إلى المسلمين فقال : إن عليا يريد أن يتزوج ابنة عدو الله على ابنة نبي الله ! ألا إن فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني ومن سرها فقد سرني ومن غاظها فقد غاظني " (1) .

  المهم أن الحديث مرفوض عند الشيعة متنا وسندا ، وقد أشار ابن حجر إلى ذلك في ( الفتح ) حينما ذكر تكذيب السيد المرتضى للخبر لأنه من رواية المسور وكان فيه انحراف عن علي d (2) .

  فالعلة كل العلة في المسور ، فيكفي أولا كونه من جنود عبد الله بن الزبير الذي أضل أباه وزين له حرب علي في معركة ( الجمل ) ، بل الخوارج ينتهلون منه قال الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) : " وقد انحاز إلى مكة مع ابن الزبير وسخط إمرة يزيد وقد أصابه حجر منجنيق في الحصار ، قال الزبير بن بكار كانت الخوارج تغشاه وينتحلونه ، قال عروة : فلم أسمع المسور ذكر معاوية إلا صلى عليه وعن عطاء بن يزيد كان ابن الزبير لا يقطع أمرا دون المسور بمكة " (1) .

  ونقل ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) : " عن الزبير بن بكر : وكانت الخـوارج تغشى المسـور بن مخرمة وتعظمه وينتحلون رأيه " (2) .

  نعم يمكن أن يكون هناك أصل للخبر تمثل في إشاعة بثها المنافقون حول علي d بأنه تقدم لخطبة ابنة أبي جهل أذية لهما ، فبين رسول الله B أن مثل هذا لا يجوز بالنسبة إلى زوج سيدة نساء العالمين j ، فلا تؤذى بمثل هذا الأمر .

  فقد روى الصدوق في ( العلل ) كما عن البحار عن أبي عبد الله الصادق d : " جاء شقي من الأشقياء إلى فاطمة بنت محمد B فقال لها : أما علمت أن عليا قد خطب بنت أبي جهل قال رسول الله B : فما دعاك إلى ما صنعت ؟ فقال علي: والذي بعثك بالحق نبيا ما كان مني مما بلغها شيء ولا حدثت بها نفسي " (3) ، لكن  الخبر ضعيف السند منكر المضامين .

  بقيت لدينا مسألة إغضاب أبي بكر للزهراء j ، فنحن أمام قضية منطقية  واضحة ، نرجو من علماء أهل السنة أن يبينوا الخطأ إذا كانت هناك مغالطة في البين أن أبا بكر أغضب فاطمة j كما في الصحيح بشكل غير قابل للتأويل ، ومن أغضب فاطمة j أغضب رسول الله B ومن أغضبه B أغضب الله تعالى .

  ولنقل أن عليا d أيضا أغضب فاطمة j كما تعتقدون ألم يؤيد رسول الله B فاطمة j مع أن الأمر كان حلالا لعلي d ، فلماذا لا تخطأون أبا بكر مع فرض أن الأمر جائز له ؟! ألم يكن تسليم فدك جائزا له فلماذا لم يرضها ويعطها فدكا كما أرضاها علي d وترك الخطبة ؟! بل تقولون أن عثمان أرضى قرابته ومنهم مروان فأقطعهم فدكا ، وقد روى ذلك ابن حجر في ( فتح الباري ) (1) .

 

المورد الرابع

   ذكر ما روي عن البراء بن عازب في صحيح البخاري ونقله العلامة المجلسي في ( بحار الأنوار ) من تفاصيل صلح الحديبية ، قال : لما صالح رسول الله أهل الحديبية كتب علي بن أبي طالب بينهم كتابا فكتب محمد رسول الله فقال المشركون : لا تكتب رسول الله لو كنت رسولا لم نقاتلك فقال لعلي : امحه ، فقال علي : ما أنا بالذي أمحاه ، فمحاه رسول الله B بيده ، واعتبر امتناع علي d عن الكتابة معصية منه لرسول الله B .

  نقول : مر سابقا الحديث في هذا الموضوع ، وعبارة " ما أنا بالذي أمحاه فمحاه رسول الله B بيده " التي نسبها للمجلسي في ( بحار الأنوار ) ذكرها المجلسي (2) نقلا لرواية البخاري فلا يصح اعتبار المذكور في البحار مصدرا آخر للرواية ، فضلا عن أن العبارة في تلك الصفحة " قال : لا والله لا أمحوك أبدا " ، ونقل البحار للرواية من مصادر العامة لم يكن خافيا في الصفحة ولكنه تعام وتعصب ، فالمجلسي في الباب 67 المعنون بأن عليا d كان أخص الناس برسول الله B ذكر الرواية بالشكل التالي :

39 - وروى ابن الأثير في جامع الأصول عن البخاري ومسلم بسنديهما عن البراء بن عازب ونقل الخبر .

  وأما عبارة علي d المنقولة في ( بحار الأنوار ) نقلا عن ( أعلام الورى ) أي من مصادر الشيعة فهي : "يا رسول الله إن يدي لا تنطلق بمحو اسمك من النبوة " (1) ، وقد مر الحديث عن هذا الأمر فيما سبق فليراجع .

 

المورد الخامس :

  روى عن مسند أحمد عن علي أنه أتى النبي فقال إن أبا طالب مات ، فقال له النبي : اذهب فواره ، فقال علي : إنه مات مشركا ، فقال رسول الله : اذهب فواره .

  قال : " لو وقع هذا من عمر أو أبي بكر لقالوا كيف لا ينفذون أمر رسول الله وهل هم يعلمون رسول الله ؟ ".

  نقول : الرواية التي فيها زيادة قول علي d "إنه مات مشركا " والتي اعتبرها اعتراضا من علي d على النبي B ، رواها أحمد عن محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب (2) ، وذكرت مرة أخرى (3) عن وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب ولكن ليس فيها زيادة " إنه مات   مشركا " ، وروى الخبر أحمد مرتين عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي الأولى تحت رقم 807 والثانية تحت رقم 1074 ولم تذكر فيهما الزيادة السابقة .

  قال محقق الكتاب معلقا على السند الأول المتضمن للزيادة : " إسناده ضعيف ناجية بن كعب هو الأسدي كما حققه الحافظ في ( التهذيب ) قال ابن المديني : لا أعلم أحدا روى عنه غير أبي إسحاق وهو مجهول ولم يوثقه غير العجلي وقد وهم الحافظ في ( التقريب ) فقال عنه : ثقة ! وأما قوله في ( التهذيب ) إن ابن حبان ذكره في     ( الثقات ) فهو وهم منه أيضا فإنه ليس فيه وإنما ذكره في ( المجروحين ) ج3 ص 57 ، وقال : ناجية بن كعب من أهل الكوفة وهو الأسدي يروي عن علي ، روى عنه أبو إسحاق وأبو حسان الأعرج كان شيخا صالحا إلا أن في حديثه تخليطا لا يشبه حديث أقرانه الثقات عن علي فلا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد ، وفيما وافق الثقات فإن احتج به محتج أرجو أنه لم يجرح في فعله ذلك .

  قلنا : وقد ضعف الحديث البيهقي في ( السنن ) ، وتبعه النووي في ( المجموع ) ج5 ص144 فضعفه ونقل البيهقي عن علي بن المديني أنه قال : في إسناده بعض    الشيء " ، انتهي كلام المحقق .

  وكم حديث في مسند أحمد فيه دلالة على الحق رده هذا الكاتب لضعف سنده ، ولكنه هنا حينما يبلغ الحديث موضعا صرح هو بأنه " وقفت عندها كثيرا وترددت في الكتابة فيه هل يجوز أن أذكر ما أراه من مآخذ على علي k مع أني لا أقصد الإساءة " لا يأبه بالسند ، وينقل ما شاء للإساءة إلى أمير المؤمنين وإن لم يدل على المطلوب بمتنه أو كان ضعيفا في سنده .

  وأغلب الظن أن زيادة " مات مشركا " توهم من شعبة فقد روى الخطيب في      ( تاريخ بغداد ) عن أبي بكر الأثرم قال : سمعت أبا عبد الله - ابن حنبل - يقول : " كان شعبة يحفظ ، لم يكتب إلا شيئا قليلا وربما وهم في الشيء " (1) .

  ويظهر أنه كان متعصبا ضد علي d فقد ذكر الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) : " قال أمية بن خالد قلت لشعبة : إن أبا شيبة حدثنا عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن صفين شهدها من أهل بدر سبعون رجلا قال : كذب أبو شيبة لقد ذاكرت الحكم فما وجدنا أحدا شهد صفين من أهل بدر غير خزيمة بن ثابت " (1) .

  قال الذهبي : قلت : قد شهدها عمار بن ياسر والإمام علي أيضا . 

  كما ذكر الخطيب ما يدل على رفضه أن ينشر الحديث المنقول عن علي d فقد روى في ( تاريخ بغداد ) عن أبي داود الطيالسي أنه قال :

" كنا عند شعبة بن الحجاج في البيت وجراب معلق ، فالتفت فإذا هو في السقف ، فقال : " ترون ذلك الجراب ؟ والله لقد كتبت فيه عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي عن النبي B لو حدثتكم به لرقصتم " (2) .

  فلماذا يمتنع عن ذلك ، مع أن وثاقة الحكم وعبد الرحمن من المسلمات عندهم ؟! 

  هذا من جهة السند وأما من ناحية متن الحديث ، فالروايات في هذا الشأن من دون تلك الزيادة كلها تكمل أن رسول الله B علم علي d دعاءا عد من خصائص علي d .

  فتتمة الحديث : " قال اذهب فواره ثم لا تحدث شيئا حتى تأتيني ، قال : فواريته ثم أتيته ، قال : اذهب فاغتسل ثم لا تحدث شيئا حتى تأتيني قال : فاغتسلت ثم أتيته  قال : فدعا لي بدعوات ما يسرني أن لي بها حمر النعم وسودها .

  ولذلك جعل النسائي في ( السنن الكبرى ) هذه الرواية تحت باب " ما خص به النبي عليا من الدعاء " وفيها يقول علي d : " لما رجعت قال لي كلمة ما    أحب أن لي بها الدنيا فاغتسلت ودعا لي بدعوات ما يسرني ما على الأرض بشيء منها " (1) .

فعلى فرض صدور تلك الجملة من علي d ، ألا يمكن أن تعتبر كقول الملائكة ] أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ [ (2) ، هل اعتبره أحد العلماء اعتراضا من الملائكة ومأخذا عليهم كما حاول أن يتخذه مأخذا على علي d .

 

المورد السادس

  قال : روى البخاري دخل العباس وعلي على عمر فقال العباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا فاستب علي وعباس " قال : كيف يسب علي عمه العباس ؟

 قال ابن حجر العسقلاني في ( فتح الباري ) : " ( فقال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا ) زاد شعيب ويونس ( فاستب علي وعباس ) ، وفي رواية عقيل عن ابن شهاب في الفرائض ( اقض بيني وبين هذا الظالم ، استبا ) ، وفي رواية جويرية  ( وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن ) ، ولم أر في شيء من الطرق أنه صدر من علي في حق العباس شيء بخلاف ما يفهم قوله في رواية عقيل ( استبا ) " (3) .

  إذ الرواية في صحيح مسلم كتاب الجهاد والسير باب حكم الفيء بلفظ " فأذن  لهما ، فقال عباس : يا أمير المؤمنين ، فاقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن " (4) ولم ينسب إلى علي d أنه صدر شيء منه تجاه عمه .  

   ثم تابع ابن حجر قائلا : " واستصوب المازري صنيع من حذف هذه الألفاظ من هذا الحديث وقال : لعل بعض الرواة وهم فيها ، وإن كانت محفوظة ، فأجود ما تحمل عليه أن العباس قالها دلالا على علي لأنه عنده بمنزلة الولد ، فأراد ردعه عما يعتقد أنه مخطئ فيه وأن هذه الأوصاف يتصف بها لو كان يفعل ما يفعله عن عمد قال : ولا بد من هذا التأويل لوقوع ذلك بمحضر الخليفة ومن ذكر معه ولم يصدر منهم إنكار لذلك مع ما علم من تشددهم في إنكار المنكر " (1) .

وقال ابن حجر في ( الفتح ) : " قال ابن التين : معنى قوله في هذه الرواية ( استبا ) أي نسب كل واحد منهما الآخر إلى أنه ظلمه وقد صرح بذلك في هذه الرواية بقوله ( اقض بيني وبين هذا الظالم ) قال ولم يرد أنه يظلم الناس وإنما أراد ما تأوله في خصوص هذه القصة ولم يرد أن عليا سب العباس بغير ذلك لأنه صنو أبيه ، ولا أن العباس سب عليا بغير ذلك لأنه يعرف فضله وسابقته ، وقال المازري : هذا اللفظ لا يليق بالعباس وحشا عليا من ذلك فهو سهو من الرواة ، وإن كان لا بد من صحته فليؤول بأن العباس تكلم بما لا يعتقد ظاهره مبالغة في الزجر " (2) .

  وأما الكرماني فقد قال في شرحه لصحيح البخاري: " ( استبا ) أي تخاشنا في الكلام وتكلما بغليظ القول كالمستبين " (3) .

  وأما القاضي عياض فقد قال في ( إكمال المعلم ) : " وقول العباس : ( اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الخائن الغادر ) قال الإمام - المازري - اللفظ الذي وقع من العباس لا يليق بمثله وحاشا عليا منه أن يكون به بعض هذه الأوصاف فضلا عن كلها أو عن يلم بها ولسنا نقطع بالعصمة إلا للنبي B أولمن شهد له بها لكنا مأمورون بتحسين الظن بالصحابة ( رض ) ونفي كل رذيلة عنهم وإضافة الكذب لرواتها عنهم ، إذا استدت طرق التأويل وقد حمل بعض الناس هذا الرأي على أن أزال من نسخته ما وقع في هذا الحديث من هذا اللفظ ، وما هو بعده مما هو في معناه تورعا عن إثبات مثل هذا ، أو لعله يحمل الوهم على رواته " (1) .

  أنظر أخي كيف يشكك علماء السنة في صحة نسبة هذا الأمر إلى العباس ، وكيف يستعجل إنسان بجهالته ويقطع بنسبة هذا الأمر إلى علي d ، فهؤلاء التفتوا إلى أن إثبات مثل هذه الأقوال إلى الصحابة يضر بعدالتهم وقدسيتهم التي يؤمنون بها ، وأما الجاهل فلا يستطيع أن يلتفت إلى ذلك لأن ولعه بإثبات أخطاء لعلي d أعماه . 

  ثم يتابع المازري كلامه قائلا : " وإن كان هذا اللفظ لا بد من إثباته ولا يضاف الوهم إلى رواته فأمثل ما حمل عليه أنه صدر من العباس على جهة الإدلال على ابن أخيه ، لأنه في الشرع أنزل منزلة أبيه ، وقال في ذلك ما لا يعتقد أنه مخطئ فيها أو  أن هذه الأوصاف وقع فيه على مذهبه من غير قصد لها بل كان علي k متأولا فيها " وتابع كلامه قائلا :

" ومن الدليل على أن هذه الطريقة هي التي تسلك في التأويل أو ما في معناها أن مجلسا حضر فيه عمر بن الخطاب ( رض ) وهو أمير المؤمنين وقد عرف من تشدده في الحدود والأعراض وبعده عن المداهنة ما فات به الناس وفيه عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزيبر وسعد ( رض ) ثم قال هذا ولا ينكره منكر وما ذلك إلا لما تأولناه من أنهم فهموا بقرينة الحال أنه قال ما لا يعتقد على جهة المبالغة في الزجر لعلي ( رض ) وزاد له حرمة الأب والأب لا ينبغي أن ينصف منه في العرض هذا عندي وجه تأويل ما وقع في هذا " انتهي ما نقله القاضي عن المازري . 

  هذا ما يراه علماء الحديث وشراح البخاري ومسلم في هذا الأمر وكل التبرير منصب على أنه أمر صدر من العباس دون علي d ، لأنه المقدار المعلوم عندهم .

 

المورد السابع

قال بعد نقل رواية لمسلم : كثيرا ما يقول الشيعة كيف يمكن أن يكون عمر خليفة للمسلمين وهو لا يعرف حكم التيمم ونحن نقول هذا علي بن أبي طالب لا يعرف حكم المذي .

  نقول : هذا الأمر الذي جعله من المآخذ على الإمام علي d هو في غاية الغرابة فهل يستوي من يجهل حكم شرعي - على مبناهم بصحة هذا الخبر لأنه في صحيح مسلم - في عصر رسول الله B فيسأل عنه النبي B إما مباشرة أو بواسطة مع وجود العذر ، مع من يجهل حكم شرعي بأهمية التيمم وسعة الابتلاء به وبعد مرور أكثر من عقد من الزمان على نزول حكمه وتبليغه إلى الناس ؟! بل حكمه بيّن في القرآن الكريم و يفترض أن خليفة المسلمين على إطلاع بآياته وأحكامه ؟! 

  وقد روي أنه d كان يحتاط في ذلك بحيث سبب الأذى والمشقة لنفسه d وفي ذلك يقول ابن حجر في ( فتح الباري ) : " ووقع في رواية لأبي داود والنسائي وابن خزيمة ذكر سبب ذلك من طريق حصين بن قبيصة عن علي قال : كنت رجلا مذاء فجعلت أغتسل منه في الشتاء حتى تشقق ظهري فقال النبي B : لا تفعل " (1) .

  ويقول : " وفيه استعمال الأدب من ترك المواجهة بما يستحى منه عرفا ، وحسن المعاشرة مع الأصهار وترك ذكر ما يتعلق بجماع المرأة ونحوه بحضرة أقاربها " (1) .

  فابن حجر يرى تصرف علي d من حسن الأدب وتوقير الرسول B ، فانظر إلى الرؤية السليمة إلى النص وقارنها بالكلمات التي يشم منها رائحة النصب .

  وأما عن موقف عمر المختلف تماما ، فيذكر ابن حجر في ( فتح الباري ) رواية البخاري : " عن شقيق بن سلمة قال : كنت عند عبد الله - عني ابن مسعود - وأبي موسى فقال له أبو موسى أرأيت يا أبا عبد الرحمن إذا أجنب فلم يجد ماء كيف يصنع ؟ فقال عبد الله : لا يصلي حتى يجد الماء . فقال أبو موسى : فكيف تصنع بقول عمار حين قال له النبي B : " كان يكفيك " ، قال : ألم تر عمر لم يقنع بذلك ؟ فقال أبو موسى : فدعنا من قول عمار كيف تصنع بهذه الآية ؟ فما درى عبد الله ما يقول ، فقال : إنا لو رخصنا لهم في هذا لأوشك إذا برد على أحدهم الماء أن يدعه ويتيمم ، فقلت لشقيق : فإنما كره عبد الله لهذا ؟ قال : نعم .

  ثم قال ابن حجر : " وفيه جواز التيمم للجنب بخلاف ما نقل عن عمر وابن مسعود " (2) .

  إذا لعمر رأي في مقابل الحكم الشرعي الذي بلغه رسول الله B للناس ، والذي ذكره القرآن في آية التيمم ، فهل يشبه حال من جهل الحكم ومنعه الحياء لمكان ابنة رسول الله B من السؤال عنه - لو أردنا التنزل وقبول الخبر - وشق على نفسه باحتياطات ثقيلة كالاغتسال في الشتاء ، فهل حاله حال من نزلت آية التيمم في زمن الرسالة النبوية ثم بعد عقد من الزمان يسأله رجل كما يروي مسلم في صحيحه كتاب الحيض باب التيمم فيقول : إني أجنبت فلم أجد ماء فقال : لا تصل (1) .

  لا أعرف كيف نفسر فتوى خليفة المسلمين بترك الصلاة عند عدم وجود الماء مع وجود آية التيمم الصريحة في القرآن ؟ فعلي d حينما جهل الحكم كان فردا في الأمة ولم يرد نص في المورد الذي سأل عنه ، بينما عمر حينما قال هذا الرأي كان خليفة المسلمين ، وأفتي بخلاف حكم نزل فيه نص قرآني واضح ، هذا ما يؤاخذ عليه عمر .

 

الموارد التي ذكرها من كتب الشيعة

  قال : " أما المآخذ التي على علي بن أبي طالب من كتب الشيعة فإني أستغفر الله كثيرا من ذكرها لأنها تدل على خبث طوية من رواها " .

  نقول : كتابه على الأغلب مبني على اتهام الشيعة بأن استدلالاتهم لم تبتن وفق المصادر المعتبرة عند السنة والروايات الصحيحة ، ويرمي الآخرين بالكذب على الله ورسوله B لأنه لم يتحر الدقة في تصحيح علماء السنة للحديث المستدل به .

  لذا فمن الغريب أن يقوم هو بنفس الأمر الذي ذم الآخرين عليه فاستدل بروايات موجودة في كتب الحديث عند الشيعة مثل كتاب ( بحار الأنوار ) والذي يصرح علماء الشيعة بأنها كتب جامعة للحديث لا أكثر وهي متروكة لأهل التحقيق والبحث لتمييز الصحيح من غيره فيها .

 فهلا حكم على نفسه بالأحكام السابقة وشتمها ؟ نترك الأمر للمنصفين

لا تنه عن خلق وتأتي مثله       عار عليك إذا فعلت عظيم .

  والأعجب من ذلك أنه يعبر عن رواة الشيعة وكتابها الذين نقلوا الأخبار بأن رواياتهم لها تدل على خبث الطوية في حين أنك سترى إن منها ما يوجد في المصادر الروائية للسنة بل بعضها في الصحاح ، والأغرب أنك ترى ذلك في أول الأمثلة التي يوردها فانظر معي أيها القارئ .

 

 المورد الأول

  نقل عن ( البحار ) خبرا عن علي d قال : سافرت مع رسول الله B … وكان له لحاف ليس له لحاف غيره ومعه عائشة وكان رسول الله B ينام بيني وبين عائشة ليس علينا ثلاثتنا لحاف غيره ، فإذا قام إلى صلاة الليل يحط بيده اللحاف من وسطه بيني وبين عائشة حتى يمس اللحاف الذي تحتنا...

  والأدهى من ذلك أنهم يروون في الكافي عن أبي عبدالله قال في الرجل والمرأة يوجدان في لحاف واحد يجلدان مائة جلدة . 

  نقول : والمجلسي صاحب كتاب ( بحار الأنوار ) بدوره نقل الرواية عن كتاب        ( الاحتجاج ) للشيخ الطبرسي الذي ينقل الخبر معلقا عن سليم بن قيس ، وجل روايات ( الاحتجاج ) محذوفة الأسناد مما يفقدها قدرا كبيرا من القيمة ، والخبر موجود في واحد من نسخ كتاب سليم بن قيس المشهور والمتداول دون النسخ الأخرى .

  والعجب أن مثل تلك الرواية وردت مصححة في مصادر السنة ، فهل تصفح هذا الكاتب كتاب ( المستدرك ) للحاكم يوما ورأى أي مثالب وضعت لرسول الله B على أنها مناقب للصحابة ؟ وإليك هذا المثال :

  روى الحاكم في ( المستدرك ) في مناقب الزبير بن العوام عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال : " أرسلني رسول الله B في غداة باردة فأتيته وهو مع بعض نسائه في لحافه فأدخلني في اللحاف فصرنا ثلاثة " .

  قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وقال الذهبي في التلخيص : صحيح (1) .

   فما تقول في مثل هذه الرواية المذكورة في مصدر سني كتب بقصد جمع الروايات الصحيحة بل أقر الذهبي بصحة الخبر ، فهل تجرأ الآن وتقول أنها تدل على خبث طوية الحاكم النيسابوري والذهبي أم تتراجع عن شتائمك لأن القائل من أتباع مذهبك ، أليس من الأولى أن تقول لعن الله من صحح هذه الرواية قبل أن تقول لعن الله من وضعها .

والأدهى ذكر الكاتب لرواية الكافي من أن الرجل والمرأة يوجدان في لحاف واحد يجلدان مائة جلدة ، فالعجب من هذا العمى أو التعامي الذي يجعله يوحد بين روايتين إحداهما واضحة في كونهما عاريين تحت اللحاف بقرينة شروح العلماء وقرينة الروايات الأخرى في الباب مثل الرواية العاشرة التي تنص على أن عليا d كان إذا وجد رجلين في لحاف واحد مجردين جلدهما حد الزاني (2) والثانية صريحة بأنه إذا قام إلى صلاة الليل يحط بيده اللحاف من وسطه حتى يمس اللحاف الفراش الذي تحتنا .

 

 

المورد الثاني

  نقل عن ( البحار ) قول علي d : غدا علينا رسول الله ونحن في لفاعنا فقال السلام عليكم فسكتنا واستحيينا لمكاننا ثم قال : السلام عليكم فسكتنا " .

  قال الكاتب : فكيف لا يرد السلام على رسول الله B مرتين ؟

  نقول : الحديث نقله المجلسي عن ( علل الشرائع ) للصدوق (1) وفي رواته : أبي الورد بن تمامة ، والحريري وهو سفيان ، وأحمد بن الحسن القطان ، والحسن بن علي بن الحسين السكري ، والحكم بن أسلم كلهم مجهولون لم نعثر لهم على ترجمة .

  فأي قيمة لحديث هذا سنده ، نعم بقية الرواية وهو تعليم النبي B التسبيح للزهراء وعلي h عوضا عن طلب الخادم متواتر عند الفريقين في روايات متعددة .

  كما أن تتمة الرواية فيها ما يشعر بأن عدم رد السلام على النبي B مرتين كان بسبب اعتبارهم السلام من خلف الباب نوع استئذان ، وعدم الإجابة يعبر عن عدم وجود إذن بالدخول : " فسكتنا واستحيينا لمكاننا ثم قال السلام عليكم فسكتنا ، فخشينا إن لم نرد عليه أن ينصرف وقد كان يفعل ذلك يسلم ثلاثا فإن أذن له وإلا انصرف فقلت : وعليك السلام يا رسول الله ادخل " .

  فقوله " وقد كان يفعل ذلك يسلم ثلاثا فإن أذن له وإلا انصرف " مشعر بأن عادة القوم كانت كذلك ، فالسلام من وراء الباب لم يكن إلا للاستئذان في الدخول .

  ويدل عليه ما رواه النسائي في السنن الكبرى عن علي d : " كانت لي منزلة من رسول الله B لم تكن لأحد من الخلائق فكنت آتيه كل سحر فأقول السلام عليك يا نبي الله فإن تنحنح انصرفت إلى أهلي وإلا دخلت عليه " (2) .

  قال محقق الكتاب : إسناده ثقات غير عبد الله صدوق .

  وفي مصادر السنة ذكرت روايات صحيحة يمتنع فيها عمر عن رد السلام ، فقد روى مسلم في صحيحه كتاب الآداب باب الاستئذان عن أبي سعيد الخدري قال : كنا في مجلس عند أبي بن كعب فأتى أبو موسى الأشعري مغضبا حتى وقف فقال : أنشدكم الله ! هل سمع أحد منكم رسول الله B يقول " الاستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع " قال أبي : وما ذاك ؟ قال : استأذنت على عمر بن الخطاب أمس ثلاث مرات فلم يؤذن لي فرجعت ، ثم جئته اليوم فدخلت عليه فأخبرته أني جئت فسلمت ثلاثا ثم انصرفت ، قال : قد سمعناك ونحن حينئذ على شغل فلو استأذنت حتى يؤذن لك ؟ قال : استأذنت كما سمعت رسول الله B قال : فوالله لأوجعن ظهرك وبطنك أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا " (1) .

  وروى " جاء أبو موسى إلى عمر بن الخطاب فقال : السلام عليكم هذا عبد الله بن قيس فلم يأذن له فقال : السلام عليكم هذا أبو موسى السلام عليكم هذا الأشعري ثم انصرف " (2) .

  قال ابن حجر قد ذكر في فتح الباري عند شرحه لما رواه البخاري : عن أبي سعيد قال كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور فقال استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت : " وفي الحديث أيضا أن لصاحب المنزل إذا سمع الاستئذان أن لا يأذن سواء سلم مرة أو مرتين أم ثلاثا إذا كان في شغل له ديني أو دنيوي يتعذر بترك الأذن معه للمستأذن " (3) .

  وروى الترمذي عن أبي سعيد قال : استأذن أبو موسى على عمر فقال : السلام عليكم أأدخل ؟ قال عمر واحدة ثم سكت ساعة ثم قال : السلام عليكم أأدخل ؟ قال عمر ثنتان ثم سكت ساعة فقال : السلام عليكم أأدخل ؟ فقال عمر : ثلاث ثم رجع " ، وروى مثله مسلم في صحيحه (1) .

  وقال أبو بكر بن العربي في ( عارضة الأحوزي ) عند شرحه للحديث السابق الوارد في باب ما جاء في الاستئذان ثلاثة : " قول عمر واحدة ثنتان ثلاثا يعددها ، دليل على أنه يجوز للرجل السامع للاستئذان أن لا يرد ولا يأذن إذا كان ذلك لغرض صحيـح ومقصـود بيّن " (2) .

  ألا تعجب أيها القارئ فابن العربي يستنبط من فعل عمر عدم الوجوب إذا كان بقصد الاستئذان ، وأما هذا الجاهل فيرى فعل علي d خطأ ولا يمكن استنباط حكم من أفعاله .

  وروى أبو داود في سننه كتاب الأدب باب كم مرة يسلم الرجل عن قيس بن سعد قال : زارنا رسول الله B في منزلنا فقال : " السلام عليكم ورحمة الله " فرد سعد ردا خفيا ، قال قيس : فقلت : ألا تأذن لرسول الله B فقال : ذره يكثر علينا من السلام فقال رسول الله B : " السلام عليكم ورحمة الله " ، فرد سعد ردا خفيا ثم قال رسول الله B : " السلام عليكم ورحمة الله " ، ثم رجع رسول الله B واتبعه سعد فقال : يا رسول إني كنت أسمع تسليمك وأرد عليك ردا خفيا لتكثر علينا من السلام ... " (3) ، وفي آخر الرواية لم يرد أي ردع من رسول الله Bبل أنه قال في آخر الرواية : " اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة " ، أليس كل ذلك دليل على أن السلام إذا كان بقصد الاستئذان لا يجب رده وهل الرد اخفاتا يعد ردا في الفقه ؟  

 

المورد الثالث

  نقل في ذكر المآخذ على الإمام علي d رواية وردت في ( بحار الأنوار ) عن رسول الله B في قصة إصلاحه بين علي وفاطمة h :  " يا أبا الحسن إياك وغضب فاطمة فإن الملائكة تغضب لغضبها وترضى لرضاها " .

  نقول : انظر وتعجب من قوله إن ما ينقله من مصادر الشيعة ، يستدل برواية نقلها المجلسي عن مناقب ابن شهراشوب ولكن بمراجعة الرواية تجد إن ابن شهراشوب يصرح في أولها بأنه نقلها عن ابن عبد ربه الأندلسي في ( العقد الفريد ) ، وهو بدروه ذكر كلا من عبد الله بن الزبير ومعاوية ابن أبي سفيان في سندها - والأول من قادة معركة الجمل ضد الإمام ، والثاني يكفي ذكر اسمه لمعرفة عدائه لعلي d - وبعد هذا كله نقل ابن شهراشوب في ( المناقب ) تعليق ابن بابويه - الشيخ الصدوق - حيث قال : هذا غير معتمد لأنهما منزهان عن أن يحتاجا أن يصلح بينهما رسول الله B (1) ، والعلامة المجلسي نقل الرواية عن ابن شهراشوب  ونقل معها تعليقة ابن بابويه ، فهل هناك شيء من الأمانة عند هذا الناقل ، الحكم للقاريء . 

 

المورد الرابع

نقل عن ( بحار الأنوار ) قصة في نفس الموضوع عن فاطمة الزهراء j أنها "وضعت خمارها على رأسها تريد النبي تشكو إليه عليا " .

  ويكفي ضعفا في السند وجود شريك وهو شريك بن عبد الله قال السيد الخوئي s في ( المعجم ) : كان قاضيا معاصرا للصادق d قيل للصادق d : إن شريكا يرد شهادتنا فقال d : لا تذلوا أنفسكم ، وروى الكشي عن زرارة قال: شهد أبو كريبة الأزدي ومحمد بن مسلم الثقفي عند شريك بشهادة - وهو قاض - فنظر في وجههما مليا ثم قال : جعفريان فاطميان !! فبكيا فقال لهما : ما يبكيكما ؟ قالا له : نسبتنا إلى أقوام لا يرضون بأمثالنا أن يكونوا من إخوانهم لما يرون من سخف ورعنا ونسبتنا إلى رجل لا يرضى بأمثالنا أن يكونوا من شيعته فإن تفضل وقبلنا فله المن علينا والفضل فينا ، فتبسم شريك ثم قال : إذا كانت الرجال فليكن أمثالكما بأولئك أجيزها هذه المرة ، قال : قال : فحججنا فخبرنا أبا عبد الله d بالقصة فقال : ما لشريك ؟ شركه الله يوم القيامة بشراكين من نار (1) .

  وقال السيد الخوئي s : " أقول المتحصل من ذلك أنه كان يوالي عليا وينقم على معاوية وهل كان يفضله على من تقدمه ؟ فيه ترديد من جهة التهافت فيما روى عنه في ذلك ، ثم الظاهر من قول أحمد كان شديدا على أهل الريب والبدع هو ما صرح به في الروايات المتقدمة من أنه كان يرد شهادة من ينتمي إلى جعفر بن محمد h فكان له معهم عداء ، وإن كان هو يعتقد بجلالة جعفر بن محمد h لو صح ما ذكره الكشي عن يحيى بن عبد الحميد الحماني " (2) ، هذا على مباني الشيعة والمفترض أنه يبني عليها .

  وأما على مباني السنة ففي السند ليث بن أبي سليم قال ابن حجر في ( تهذيب التهذيب ) : " قال ابن أبي حاتم سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ليث لا يشتغل به هو مضطرب الحديث ، قال : وقال أبو زرعة : ليث بن أبي سليم لين الحديث لا تقوم به الحجة عند أهل العلم بالحديث " (1) .

  وفضلا عن ذلك فهناك عدة مجهولين في السند ، فلا نعرف كيف قطعت بمضمون الرواية ، وهل بمثل هذا السند تثبت مؤاخذة على علي d . 

 

المورد الخامس

  نقل رواية عن ( بحار الأنوار ) فيها عن علي  d: " أنا جنب الله وكلمته وقلب الله وبابه الذي يؤتى منه ادخلوا الباب سجدا أغفر لكم خطاياكم وأزيد المحسنين ، وبي وعلى يدي تقوم الساعة وفي يرتاب المبطلون وأنا الأول وأنا الآخر والظاهر والباطن وبكل شيء عليم " .

  ثم قال : " ماذا أبقيتم لله ؟ ولا شك أن هذا الكلام كفر صريح وعلي بريء منه ".

  نقول : لم نفهم كيف عد ذلك من المؤآخذات على علي d ، لأن الفرض أن الأمر من كتب الشيعة وهم يرفضون مثل هذا الخبر فهل لو كذب على أمير المؤمنين بكلام لم يقله يعتبر هذا من أخطائه ، فهلا اعتبرت الكذب على رسول الله B خطأ الرسول ، شيئا من التعقل .‍

  وأما الرواية فقد رواها المجلسي عن ( مناقب ) ابن شهراشوب ، وهو نقلها مرسلة من دون سند عن علي d ، ولو فرض أن هناك من الشيعة من قبل الخبر فهو يفسره بتفسير لا يتنافى مع التوحيد ، فهذا ابن شهراشوب نقل تفسيرا للرواية بما لا يتنافى مع التوحيد ولا يعني ذلك قبوله للخبر وقد تجاهل الكاتب ذكره ، نقله  المجلسي :

" شرح ذلك عن الباقر d : ( أنا جنب الله وكلمته وأنا قلب الله ) يعني أنا سراج علم الله ( وأنا باب الله ) يعني من توجه بي إلى الله غفر له وقوله : ( بي وعلى يدي تقوم الساعة ) يعني الرجعة قبل القيامة ينصر الله في ذريتي المؤمنين ، ( وأنا الأول ) أول من آمن برسول الله B ( وأنا الآخر ) آخر من نظر فيه لما كان في لحده ، ( وأنا الظاهر ) ظاهر الإسلام ، ( وأنا الباطن ) بطين من العلم ( وأنا بكل شيء عليم ) فإني عليم بكل شيء أخبر الله به نبيه فأخبرني به " (1) ، فكيف يقال لمثل هذا الشيعي هناك مؤاخذة على علي d وفق مصادرك .

  وألفاظها تشبه إلى حد كبير خطبة ( البيان ) التي نسبت لعلي d والمذكورة في كتاب ( مشارق أنوار اليقين ) وقد سئل السيد الخوئي k عنها في ( صراط  النجاة ) : " ما رأيكم بخطبة البيان المنسوبة للإمام علي d ؟ الجواب : لا أساس لها والله العالم " (2) .  

 

المورد السادس

  قال بعد أن ذكر رواية في ( بحار الأنوار ) عن رد الشمس لعلي d : " كيف يؤخر صلاة العصر حتى تغيب الشـمس ؟ " .

  نقول : حادثة رد الشمس لعلي d صحيحة وردت في مصادر السنة وصححها بعض من علمائهم .

  قال ابن حجر في ( فتح الباري ) :

 " وقع في ( الأوسط ) للطبراني من حديث جابر أن النبي أمر الشمس فتأخرت ساعة من نهار " وإسناده حسن ، ووجه الجمع أن الحصر محمول على ما مضى للأنبياء قبل نبينا B فلم تحبس الشمس إلا ليوشع ، وليس فيه نفي أنها تحبس بعد ذلك لنبينا B ، وروى الطحاوي والطبراني في ( الكبير ) والحاكم والبيهقي في ( الدلائل ) عن أسماء بنت عميس أنه B دعا لما نام على ركبة علي ففاتته صلاة العصر ، فردت الشمس حتى صلى علي ثم غربت وهذا أبلغ في المعجزة ، وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات وكذا ابن تيمية في كتاب الرد على الروافض في زعم وضعه والله أعلم " (1) .

  وقال ابن حجر الهيثمي في كتابه ( الصواعق المحرقة ) عند ذكر فضائل علي d : " ومن كراماته الباهرة أن الشمس ردت عليه لما كان رأس النبي B في حجره والوحي ينزل عليه وعلي لم يصل العصر فما سري عنه B إلا وقد غربت الشمس فقال النبي B : اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك ، فاردد عليه الشمس فطلعت بعد ما غربت ، وحديث ردها صححه الطحاوي والقاضي في ( الشفاء ) وحسنه شيخ الإسلام ابو زرعة وتبعه غيره ، وردوا على جمع قالوا : أنه موضوع وزعم فوات الوقت بغروبها فلا فائدة لردها في محل المنع ، بل نقول كما أن ردها خصوصية ، كذلك إدراك العصر الآن أداء خصوصية وكرامة علي " (2) .

   وقال السيوطي في كتابه ( اللآلئ المصنوعة ) حينما يتعرض لسند رواية رد الشمس لعلي d : " قلت : فضيل الذي أعلى به الطريق الأول ثقة صدوق احتج به مسلم في صحيحه و أخرج له الأربعة وعبد الرحمن بن شريك وإن وهاه أبو حاتم فقد وثقه غيره وروى عنه البخاري في الأدب ثم الحديث صرح جماعة من الأئمة والحفاظ بأنه صحيح قال القاضي عياض في ( الشفاء ) : أخرج الطحاوي في مشكل الحديث عن أسماء بنت عميس من طريقين أن النبي B كان يوحى إليه ورأسه في حجر علي فذكر هذا الحديث .

  قال الطحاوي : وهذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات وحكى الطحاوي أن احمد بن صالح كان يقول لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء لأنه من علامات النبوة ، انتهى ما في ( الشفاء ) " (1) .

 ثم قال السيوطي :

" ومما يشهد بصحة ذلك قول الإمام الشافعي ( رض ) وغيره ما أوتي نبي معجزة إلا أوتي نبينا نظيرها أو أبلغ منها وقد صح أن الشمس حبست على يوشع ليالي قاتل الجبارين فلا بد أن يكون لنبينا B نظير ذلك فكانت هذه القصة نظير تلك والله أعلم " (2) .

  هذا وقد ثبت في مصادر الشيعة رد الشمس لعلي d مرة أخرى بعد وفاة الرسول الله سنذكرها عند إيراد كلام الشيخ المفيد في ( الإرشاد ) .

  وأما الرواية التي نقلها الكاتب من ( البحار ) (3) فضعيفة السند وليس الحديث فيها عن المرتين اللتين ذكرهما الشيخ المفيد في الإرشاد ، والرواية التي نقلت في طريقها كل من : القطان شيخ الصدوق مجهول ، وهو من العامة غالبا ، وعبد الرحمن بن محمد الحسني مجهول .

  وفرات بن إبراهيم صاحب التفسير قال عنه محقق التفسير : " صفحات التاريخ لم تنقل إلينا من حياته شيئا ولم تفرد له الكتب الرجالية التي بأيدينا له ترجمة لا بقليل ولا كثير ولم تذكره حتى في خلال التراجم " (1) ، وقال المحقق التستري في ( قاموس الرجال ) : " أقول وقد طبع تفسيره في هذه الأعصار إلا أن الغريب عدم ذكر الكشي والشيخ في الرجال والفهرست والنجاشي له أصلا " (2) . 

  والفزاري هو جعفر بن محمد بن مالك البزار الفزاري تعارض فيه الجرح  والتعديل  .

  وابن سعيد الهاشمي في السند الثاني هو شيخ الصدوق الحسن بن محمد بن سعيد الهشمي مجهول .

  وأما مسألة تأخير صلاة العصر حتى تغيب الشمس فقد وردت في الروايات التي صححها علماء السنة ولم يشكل الغالب منهم هذا الإشكال عدا ابن تيمية وأما ابن كثير في تاريخه حينما يشير إلى رواية شاذة في أن علي شغلته قسمة الغنائم عن صلاة العصر يقول : " فإن كان هذا ثابتا على ما رواه هؤلاء الجماعة وكان علي متعمدا لتأخير الصلاة لعذر قسم الغنيمة وأقره عليه الشارع صار هذا وحده دليلا على جواز ذلك ويكون أقطع في الحجة " (3) .

  فمثل ابن كثير يعتبر أن فعل علي d وحده حجة وهذا دأب كل من يحسن الأدب أمام أمثال الإمام علي d .

  فعلى قول رسول الله B : اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس ، فهذا إقرار لعلي d على فعله .

  ولكن مع ذلك كله فالرواية الأسلم من مصادر الشيعة أن علي d صلى من جلوس إيماءا وردت الشمس لكي يصلي صلاة تامة من الركوع والسجود ، فقد نقل الشيخ المفيد في الإرشاد : " ومما أظهره الله تعالى من الأعلام الباهرة على يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب d ما استفاضت به الأخبار ورواه علماء السيرة والآثار ونظمت فيه الشعراء الأشعار : رجوع الشمس له d مرتين : في حياة النبي B مرة وبعد وفاته مرة أخرى .

  وكان من حديث رجوعها عليه في المرة الأولى ما روته أسماء بنت عميس وأم سلمة زوج النبي B وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري في جماعة من الصحابة : أن النبي B كان ذات يوم في منزله وعلي d بين يديه إذ جاءه جبريل d يناجيه عن الله سبحانه فلما تغشاه الوحي توسد فخذ أمير المؤمنين d فلم يرفع رأسه عنه حتى غابت الشمس فاضطر أمير المؤمنين d لذلك أن يصلي صلاة العصر جالسا يومئ بركوعه وسجوده إيماءا فلما أفاق من غشيته قال لأمير المؤمنين d : أفاتتك صلاة العصر ؟ قال له : لم أستطع أن أصليها قائما لمكانك يا رسول الله والحال التي كنت عليها في استماع الوحي فقال له : ادع الله حتى يرد عليك الشمس لتصليها قائما في وقتها كما فاتتك فإن الله تعالى يجيبك لطاعتك الله ورسوله فسأل أمير المؤمنين d الله في رد الشمس فردت " (1) .

ثم ذكر المرة الثانية قائلاً

" وكان رجوعها بعد النبي B أنه لما أراد أن يعبر الفرات ببابل اشتغل كثير من أصحابه بتعبير دوابهم ورحالهم فصلى d بنفسه في طائفة معه العصر ، فلم يفرغ الناس من عبورهم حتى غربت الشمس وفاتت الصلاة كثيرا منهم وفات الجمهور فضل الاجتماع معه ، فتكلموا في ذلك فلما سمع كلامهم فيه سأل الله تعالى أن يرد الشمس عليه لتجتمع كافة أصحابه على صلاة العصر في وقتها فأجابه الله في ردها عليه " (1) .

  وكذلك نقل العلامة المجلسي في (البحار ) قول الشيح الصدوق تعليقا على رواية ظاهرها أنه لم يصل : " ولعله صلى إيماء قبل ذلك أيضا " (2) . 

 

المورد السابع

 ذكر رواية نقلها العلامة المجلسي في بحار الأنوار قال إن فيها كلام بذيء منسوب للإمام علي d .

  نقول : الرواية التي نقلها ذكرها المجلسي في ( البحار ) عن ( الاختصاص )       و( البصائر ) ، وسند الصفار صاحب ( البصائر ) عن أحمد ابن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن غير واحد منهم بكار بن كردم وعيسى بن سليمان عن أبي عبد الله d قال : سمعناه وهو يقول : جاءت امرأة شنيعة إلى أمير المؤمنين d وهو على المنبر وقد قتل أباها وأخاها فقالت : هذا قاتل الأحبة ، فنظر إليها فقال لها : يا سلفع ياجريئة يا بذية يا مذكرة يا التي لا تحيض كما تحيض النساء يا التي على هنها شيء مبين مدلي " (3) ، والرواية تذكر عند ذكر كرامات أمير المؤمنين d إذ أخبر المرأة بشيء مستور عن الناس بل في آخر الرواية قالت : " يا ويلها اطلع منها علي بن أبي طالب d على شيء لم يطلع عليه إلا أمي أو قابلتي " .  

  وفي السند عمر بن عبد العزيز قال عنه النجاشي : مخلط ولا معارض لما قاله النجاشي إلا على مبنى السيد الخوئي في تفسير القمي ، وبكار بن كردم وعيسى ابن سليمان مجهولان ، فالرواية ضعيفة ، ولكن هناك عدة روايات تنقل الواقعة ولكن بتفاصيل متفاوتة يمكن معها القول بأنها عدة وقائع ، ولكنه احتمال بعيد ، منها ما نقله في ( البحار ) (1) عن ( بصائر الدرجات ) عن محمد بن مسلم الإمام الباقر d وفي مورد آخر (2) عن جابر عن الباقر d ، ورواه صاحب ( البصائر ) (3) عن الأصبغ بن نباتة قال : كنا وقوفا على رأس أمير المؤمنين d بالكوفة وهو يعطي العطا في المسجد إذ جائته امرأة ، وفي مورد آخر (4) عن الحارث الأعور  قال : كنت ذات يوم مع أمير المؤمنين في مجلس القضاء إذا أقبلت امرأة ، ورواه ابن أبي الحديد في ( شرح نهج البلاغة ) قال : وروى محمد بن جبلة الخياط عن عكرمة عن يزيد الأحمسي أن عليا d كان جالسا في مسجد الكوفة وبين يديه قوم منهم عمرو بن حريث إذ أقبلت امرأة مختمرة لا تعرف (5) ، وهذه الكثرة تعطي اطمئنانا بوقوع الحادثة وأن أمير المؤمنين أخبر عن أمر مغيب عن الناس ، لذا في نهاية رواية الأصبغ التي في ( البصائر ) إن عمرو بن حريث سأله : فمن أين علمت ذلك ؟ فقال : إن رسول الله B علمني ألف باب من الحلال والحرام مما كان ومما كائن إلى يوم القيامة كل باب يفتح ألف باب حتى علمت علم المنايا والبلايا والقضايا وفصل الخطاب وحتى علمت المذكرات من النساء والمؤنثين من الرجال .

  وأما الألفاظ التي اعتبرها شتما فهي سلفع قال العلامة المجلسي السلفع :   الصخابة (1) قال ابن الأثير في ( النهاية ) : " سلفع في حديث أبي الدرداء ( وشر نسائكم السلفعة ) هي الجريئة على الرجال وأكثر ما يوصف به المؤنث وهو بلا هاء أكثر " (2) ، وأما جرية وبذية فمعناهما واضح ، ولا يعد ذلك من الشتم إذا كانت كل تلك الصفات تتجاهر بها وهي معروفة بها بين الناس كما هو واضح من   الواقعة .

  نعم كشف أنها لا تحيض كما تحيض النساء وعلى هنها شيء بين مدلي ، وهذا من كرامات أمير المؤمنين d التي أراد أن يبين حكمه وعدله إن صحت تلك التفاصيل وخاصة أن الأمر الثاني لم يرد بأية رواية من الروايات الأخرى التي نقلت الواقعة .

  عموما قال العلامة المجلسي تعليقا على بعض الألفاظ التي وردت في الروايات التي نقلت الحادثة : " ولم أر السلفع والسلسع والمهيع والقردع بتلك المعاني التي وردت في هذه الأخبار ، بل بعضها لم يرد بمعنى أصلا ، ولعلها كانت من لغاتهم المولدة ، ويحتمل تصحيف الرواة أيضا " (3) .

  وفي الختام أنت التي تريد أن تشكل على الشيعة بأن هناك كلمات المتبادر منها الشتم والسب وكيف يمكن أن يصدر هذا من علي d ماذا تصنع بالرواية التي ينقلها مسلم في صحيحه وتقرّون بصحتها يصرح فيها أن رسول الله B سب رجلين .

  فقد روى مسلم في صحيحه كتاب البر والصلة باب من لعنه النبي B أو سبه  أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك عن عائشة قالت : دخل على رسول الله B رجلان ، فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما ، فلما خرجا قلت : يا رسول الله ! من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان ، قال : " وما ذاك ؟ " قالت قلت : لعنتهما وسببتهما قال : " أو ما علمت ما شارطت عليه ربي ؟ قلت : اللهم ! إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا " (1) .

  والمصيبة ليست فقط في أن رسول الله B يسب ، بل إن سبته فيها أجر وثواب !! ولكن الأمر واضح فما وضعت أمثال هذه الروايات إلا كي تحول لعنات الرسول B لمثل معاوية إلى فضائل له !!                    

 

المورد الثامن

  ذكر خبرا فيه قول الإمام علي d لشخص اعترف بأنه أوقب على غلام وطلب تطهيره : " يا هذا إن الله قد تاب عليك فقم ولا تعاود شيئا مما فعلت " .

 قال : أليس هذا تعطيل لحدود الله ؟

  نقول : علق العلامة المجلسي في ( مرآة العقول ) على الرواية بقـوله : " المشهور بين الأصحاب لو أقر بحد ثم تاب كان الإمام مخيرا في إقامته رجما كان أو حدا وقيده ابن إدريس بكون الحد رجما والمعتمد المشهور " (2) .

  وقد ورد في روايات أهل السنة أن رسول الله قد ترك الحد عن رجل اعترف بالحد والرواية في صحيح البخاري ، وذكرها أحمد بن حنبل في مسنده (1) ، روى البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر باب إذا أقر بالحد ولم يبين هل للإمام أن يستر   عليه ؟ عن أنس بن مالك ( رض ) قال : كنت عند النبي B فجاءه رجل ، فقال : يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي ، قال : ولم يسأله عنه ، قال : وحضرت الصلاة فصلى مع النبي B فلما قضى النبي B الصلاة قام إليه الرجل فقال : يا رسول الله إني أصبت حدا فأقم فيّ كتاب الله قال : أليس قد صليت معنا ؟ قال :   نعم ، قال : فإن الله قد غفر لك ذنبك أو قال : حدك " (2) .

  لذا قال ابن حجر في ( فتح الباري ) : " وقد يتمسك به من قال أنه إذا جاء تائبا سقط عنه الحد " (3) .

  ثم قال في الصفحة التالية : " وقد تمسك بظاهره صاحب الهدى فقال للناس في حديث أبي امامة - أي المذكور قبل - ثلاث مسالك : أحدها أن الحد لا يجب إلا بعد تعيينه والإصرار عليه من المقر به ، والثاني أن ذلك يختص بالرجل المذكور في القصة ، والثالث أن الحد يسقط بالتوبة ، قال : وهذا أصح المسالك ، وقواه بأن الحسنة التي جاء بها من اعترافه طوعا بخشية الله وحده تقاوم السيئة التي عملها ، لأن حكمة الحدود الردع عن العود ، وصنيعه ذلك دال على ارتداعه فناسب رفع الحد عنه لذلك والله أعلم " (4) .

 أقول : العاقل يقرأ شيئا من الفقه قبل المجازفة في الكلام !!

 

المورد التاسع

 ذكر خبرا عن ( بحار الأنوار ) في قضاء الإمام علي d عن امرأة قد تعلقت برجل من الأنصار كانت تهواه ، فأخذت بيضة وصبت البياض على ثيابها وبين فخذيها ، فقام علي فنظر بين فخذيها فاتهمها " ، ثم قال : كيف ينظر علي بين فخذي امرأة غريبة عنه ؟

  نقول : هنا ينكشف لك من يجب أن يوصم بأنه كاذب مفتر ، فالنص الأصلي كما ورد في ( بحار الأنوار ) : " فنظر أمير المؤمنين d إلى بياض على ثوب المرأة وبين فخذيها فاتهمها " (1) .

  فالنظر كان إلى البياض الذي أخذ من البيضة لا إلى جسم المرأة ، والمعنى نظر إلى بياض أخذ من ثيابها ومن بين فخذيها بقرينة فصب الماء الحار عليه في آخر العبارة وهل يصب الماء الحار على فخذ المرأة ؟! أتريد أوضح من هذه القرينة ؟! لكنه الدهر حينما تصبح الجهالة علما ويكون لها أتباع .

والناقل حرف العبارة إلى " فقام علي فنظر بين فخذيها فاتهمهما " ، ويصعب على المرء ألا يرجع هذا التحريف المتعمد إلى غير النصب والعداء لعلي d والذي أعماه ودعاه إلى بتر مقاطع من الخبر الوارد ليتلائم مع ما في نفسه .

 

المورد العاشر

 نقل رواية عن حبيب بن ثابت قال : " كان بين علي وفاطمة كلام فدخل النبي ولم يزل حتى أصلح بينهما " .

  نقول : الرواية تشبه ما ورد في المورد الثالث من مآخذه على الإمام علي من كتب الشيعة ، وصاحب ( كشف الغمة ) ينقل الروايات مرسلة ، وذكرها العلامة المجلسي في ( البحار ) عن ( علل الشرائع ) للشيخ الصدوق قال : عن القطان عن السكري عن عثمان بن عمران عن عبيد الله بن موسى عن عبد العزيز عن حبيب بن أبي ثابت قال : " كان بين علي وفاطمة h كلام " (1) .

  ثم نقل العلامة المجلسي تعليق الشيخ الصدوق قال : قال الصدوق s : ليس هذا الخبر عندي بمعتمد ولا هو لي بمعتقد في هذه العلة لأن عليا وفاطمة h ما كان ليقع بينهما كلام يحتاج رسول الله B إلى الإصلاح بينهما لأنه d سيد الوصيين وهي سيدة نساء العالمين j مقتديان بنبي الله B في حسن الخلق .

  فإذا كان علماء الشيعة يردون مثل هذه الروايات من رأس فلا وجه للاستدلال بها من قبل باحث منصف .

  وأحمد بن حسن القطان شيخ الصدوق في الرواية قال عنه السيد الخوئي في         ( المعجم ) : ولا بعد في أن يكون الرجل من العامة كما استظهر بعضهم (2) ، وباقي السند جلهم مجهولون ، ومنهم الراوي حبيب بن أبي ثابت ، ولكن الأخير له ترجمة وافية في المصادر الرجالية لأهل السنة ، قال ابن حجر في ( تهذيب التهذيب ) : قال ابن حبان في ( الثقات ) كان مدلسا وكذلك قال ابن خزيمة في صحيحه ، وحديثه هذا مرسل فهو أدرك ابن عمر صبيا فكيف ينقل حادثة وقعت بين علي d وفاطمة j ، قال في ( التهذيب ) : وقال سليمان - في قول حبيب : رأيت     هدايا المختار تأتي ابن عمر : ما علمه بهذا وهو صبي ، ونافع أعلم منه بأمر ابن عمر (1) .

 

  ثم ذكر موارد أخرى اعتبرها مؤاخذات على الإمام من دون تفصيل ودون أن يذكر مصادرها ، وقال بعدها : ومع ذلك كله لا تجد سنيا واحدا يطعن في علي ، أما النواصب والخوارج فليسوا من أهل السنة ولا وجود للنواصب الآن فيما أعلم .

  نقول : لا ندري أي شيء ترك للنواصب ، إن لم يكن ما فعله ينطلق من بغض مكنون في نفسه لأمير المؤمنين علي d ، فقد ذكر أولا سلسلة من المؤاخذات المزعومة على الإمام d في كتب أهل السنة ، ثم ذكر مثلها من كتب الشيعة دون أن يدرس سندا أو يحقق متنا وفق المدارك المعتمدة والأصول الحديثية والرجالية في تصحيح الأحاديث عند علماء الشيعة بل اكتفى بكونها موجودة في كتب الشيعة ، ولكن حينما يذكر شيء من ذلك في حق عمر أو عثمان يسرع لتضعيف السند والبحث عن الأعذار .

  وما دام يؤمن بأن عليا d من الصحابة فليقرأ معنا هذه الأقوال لعلماء يعتقد بهم ويرى أقوالهم حجة :

  قال أحمد بن حنبل : " إذا رأيت رجلا يذكر أحدا من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام " (2) .

  وروى الخطيب البغدادي في ( الكفاية ) عن أبي زرعة الرازي قال : " إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله B فاعلم أنه زنديـق " (3) ، ألم يكن ما سبق انتقاص من صحابي ، أم هو حرام على الشيعة حلال لكم .

  وقال الإمام أبو نعيم : " فلا يتتبع هفوات أصحاب رسول الله B وزللهم ويحفظ عليهم ما يكون منهم في حال الغضب والموجدة إلا مفتون القلب في دينه " (1) .

  ثم لنتأمل كيف تغير وجه النبي B حينما نال بعض الناس من علي d لشيء رأوه منه ، فقد روى ابن حبان في ( صحيحه ) (2) والحاكم في ( المستدرك ) (3) وصححه على شرط مسلم ، وأقره الذهبي كما قال الألباني وأقرهم على الصحة (4)، وأبو يعلى في ( المسند ) (5) وعلق المحقق حسين أسد بقوله : رجاله رجال الصحيح ، والترمذي في ( السنن ) (6) قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان ، والنسائي في الخصائص (7) ، وأحمد في      ( المسند ) (8) ، ونص الحديث كما عن أحمد في ( فضائل الصحابة ) : " عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله B سرية وأمر عليهم علي ابن أبي طالب k فأحدث شيئا في سفره فتعاهد ، قال عفان : فتعاقد أربعة من أصحاب محمد B أن يذكروا أمره لرسول الله B ، قال عمران : وكنا إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله B فسلمنا عليه ، قال : فدخلوا عليه فقام رجل منهم فقال : يا رسول الله إن عليا فعل كذا وكذا ، فأعرض عنه ، ثم قام الثاني فقال : يا رسول الله إن عليا فعل كذا وكذا ، فأعرض عنه ، ثم قام الثالث فقال : يا رسول الله إن عليا فعل كذا وكذا ، فأعرض عنه ، ثم قام الرابع فقال : يا رسول الله إن عليا فعل كذا وكذا ، قال : فأقبل رسول الله B على الرابع وقد تغير وجهه ، فقال : دعوا عليا دعوا عليا إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي " .

علق عليه محقق الكتاب بقوله : إسناده حسن (1) .

  ولنتأمل كيف يطلق رسول الله B القول بأن عليا مع الحق فقد ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد عن أبي سعيد يعني الخدري قال : كنا عند بيت النبي B في نفر من المهاجرين والأنصار فقال : " ألا أخبركم بخياركم قالوا بلى قال الموفون الطيبون إن الله يحب الخفي التقي ، قال : ومر علي بن أبي طالب فقال : " الحق مع ذا ، الحق مع ذا " قال الهيثمي : " رواه أبو يعلى ورجاله ثقات " (2) .

  ثم قوله B كما رواه أحمد في ( فضائل الصحابة ) عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله B يقول : " أيها الناس لا تشكوا عليا فوالله لهو أخيشن في ذات الله وفي سبيل الله " ، قال المحقق في الحاشية : إسناده صحيح (3) .

  وقوله B لعمرو بن شاس الأسلمي وكان من أصحاب الحديبية كما روى ذلك الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) حينما شكى عليا : " يا عمرو والله لقد آذيتني ، قلت : أعوذ بالله من أذاك يا رسول الله قال : بلى من آذى عليا فقد آذاني " ، قال الهيثمي : رواه احمد والطبراني والبزار باختصار ورجال أحمد ثقات (4) .

  لذا فمن الغريب والعجيب أن يتجرأ جاهل ليضع نفسه موقف الناقد لأفعال الإمام علي d ، ولكنه على دين بني أمية الذين آذوا الله ورسوله B بإيذاء علي d .

  فقد روى الحاكم في ( المستدرك ) عن ابن أبي مليكة قال : جاء رجل من أهل الشام فسب عليا عند ابن عباس ، فحصبه ابن عباس فقال : يا عدو الله آذيت رسول الله B " إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا " لو كان رسول الله B حيا لآذيته " (1) ، والذي يشعر بأموية الكاتب ترديده لمقولة معاوية مبررا حربه لعلي d من أنه لم يقتص من قتلة عثمان الأمر الذي سنتطرق له في النقطة التالية .     

 

  ومن انتقاداته الجريئة على الإمام علي d قوله : أن الإمام علي d لم يقتل قتلة عثمان .

  نقول : إن المقولة السابقة هي أهم ادعاءات معاوية وأتباعه من القاسطين ، وهو شعارهم الذي كانوا يرفعونه في وجه الإمام d ، وفي هذا الصدد يتعجب المرء كيف يمكن أن يكون الإنسان أعمى بحيث لا يكتفي في تصحيح موقف علي بما ورد في صحيح البخاري من قول رسول الله B : " ويح عمار تقتله الفئة الباغية ، عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار " (2) ، وما رواه مسلم في باب ذكر الخوارج من كتاب الزكاة من قول رسول الله B : " تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين ، يقتلها أولى الطائفتين بالحق " (3) ، ألا يشمل ذلك في أنها على حق في عدم الانشغال بالاقتصاص من قتلة عثمان .

  قال ابن حجر في ( فتح الباري ) : " حديث مسلم ومن وجه آخر عن أبي سعيد " تمرق مارقة عند الفرقة من المسلمين تقتلها أولى الطائفتين بالحق " أخرجه هكذا مختصرا على وجهين ، وفي هذا وفي قوله B " تقتل عمار الفئة الباغية " دلالة واضحة على أن عليا ومن معه كانوا على الحق وأن من قاتلهم كانوا مخطئين في تأويلهم " (1) .

  ألم يكن تأويلهم الخاطئ هو رؤيتهم بأن لهم الحق في المطالبة بقتلة عثمان ويقول ابن حجر في ( الفتح ) حينما يذكر ما قاله الرافعي في ( شرح الوجيز ) : " بأن الخوارج هم فرقة من المبتدعة خرجوا على علي حيث اعتقدوا أنه يعرف قتلة عثمان ويقدر عليهم ولا يقتص منهم لرضاه بقتله ومواطأته إياهم " يقول مصححا كلامه : " وليس الوصف الأول في كلامه وصف الخوارج المبتدعة وإنما هو وصف النواصب أتباع معاوية بصفين " (2) .

  وننقل لك أيضا رأي أحد المتعصبين من علماء السنة ، يقول أبو بكر بن العربي في كتابه ( العواصم من القواصم ) : " قاصمة ، ودارت الحرب بين أهل الشام وأهل العراق هؤلاء يدعون إلى علي بالبيعة وتأليف الكلمة على الإمام وهؤلاء يدعون إلى التمكين من قتلة عثمان ويقولون : لا نبايع من يأوي القتلة عاصمة ، أما وجود الحرب بينهم فمعلوم قطعا ، أما كونه بهذا السبب فمعلوم كذلك قطـعا ، وأما الصـواب فيه فمع علـي " (3) .

ونقول : فلا نعرف من أين استقى هذا آراؤه إلا أن يكون من الخوارج أو النواصب ، ونقول له ولمن هو على شاكلته : لو تركتم الإنكباب على الآراء الأموية لابن تيمية وأقواله لما وقعتم في مثل هذه الجناية على علـي d .  

  وهنا نعرض رأي ابن كثير - وهو أيضا أموي المشرب - في توضيح موقف علي d وتصحيحه وفق ما ذكره في تاريخه ( البداية والنهاية ) : " ولما استقر أمر بيعة      علي دخل عليه طلحة والزبير ورؤوس الصحابة ( رض ) وطلبوا منه إقامة الحدود والأخذ بدم عثمان ، فاعتذر إليهم بأن هؤلاء لهم مدد وأعوان وأنه لا يمكنه ذلك يومه هذا " (1) .

  ثم حينما ينقل محادثة القعقاع بن عمرو رسول الإمام علي d للزبير وطلحة وعائشة : " فذهب القعقاع إلى البصرة فبدأ بعائشة أم المؤمنين فقال : أي أماه ! ما أقدمك هذا البلد ؟ فقالت : أي بني ! الإصلاح بين الناس ، ثم قال لطلحة والزبير : فأخبراني ما وجه هذا الإصلاح ؟ وعلى أي شيء يكون ؟ فوالله لئن عرفناه لنصطلحن ولئن انكرناه لا نصطلحن ، قالا : قتلة عثمان ، فإن هذا إن ترك كان تركا للقرآن ، فقال القعقاع : قتلتما قتلته من أهل البصرة ، وأنتما قبل قتلهم أقرب  منكم إلى الاستقامة منكم اليوم ، قتلتم ستمائة رجل فغضب لهم ستة آلاف فاعتزلوكم ، وطلبتم حرقوص بن زهير فمنعه ستة آلاف فإن تركتموهم وقعتم فيما تقولون ، وإن قاتلتموهم فأديلوا عليكم كان الذي حذرتم وفرقتم من هذا الأمر أعظم مما أراكم تدفعون وتجمعون منها " (2) .

  وهنا يعلق ابن كثير : " يعني أن الذي تريدونه من قتل قتلة عثمان مصلحة ولكنه يترتب عليه مفسدة هي أربى منها ، وكما أنكم عجزتم عن الأخذ بثأر عثمان من حرقوص بن زهير لقيام ستة آلاف في منعه ممن يريد قتله ، فعلي أعذر في تركه الآن قتل قتلة عثمان ، وإنما أخر قتل قتلة عثمان إلى أن يتمكن منهم فإن الكلمة في جميع الأمصار مختلفة " (1) .    

 

  ومن عجيب ما عدد على الإمام علي d أنه لم يحلق رأسه في الحديبية ولم ينحر .  

  نقول : لا يوجد في كتب التاريخ بأجمعها ما يستطيع أن يستدل به على مدعاه بصورة صريحة ، نعم الظاهر أنه اعتمد على الجملة المعروفة التي يذكرها أرباب الحديث والسير حين قال رسول الله B لأصحابه : " قوموا فانحروا ثم احلقوا " ، وقول الراوي : فوالله لم يقم منهم أحد " ، وهل تلزمنا بما في كتبكم ، ولو صحت العبارة فإنما هي وصف لحال جموع الناس ولا تشمل من نزل فيه قوله تعالى " وأنفسنا وأنفسكم " ومن قال فيه B : " علي مني وأنا منه " مرارا وفي مناسبات عدة ، فعلي d كان ساعده الأيمن الذي كتب به معاهدة الصلح مع المشركين ، ولن تتخلف يمين رسول الله B عن متابعة أمره يوما .

  بل قد ذكرنا سابقا في محله رواية الترمذي في كتاب المناقب يصف بها رسول اللهB  الإمام علي d في نفس يوم الحديبية وقبل عقد الصلح مع سهيل بن عمرو ، قال علي d : " لما كان يوم الحديبية خرج إلينا ناس من المشركين فيهم سهيل بن عمرو وأناس من رؤساء المشركين ، فقالوا : يا رسول الله خرج إليك ناس من أبنائنا وإخواننا وأرقائنا وليس لهم فقه في الدين ، وإنما خرجوا فرارا من أموالنا وضياعنا فارددهم إلينا ، قال : فإن لم يكن لهم فقه في الدين سنفقههم ، فقال النبي B : يا معشر قريش لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين قد امتحن الله قلبه على الإيمان ، قالوا : من هو يا رسول الله ، فقال له أبو بكر : من هو يا رسول الله ، وقال عمر : من هو يا رسول الله ، قال : هو خاصف النعل وكان أعطى عليا نعله يخصفها " .

 قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب (1) .

  فإذا وصف النبي B إرسال علي d إلى المشركين بأنه بعث من الله تعالى ، ثم اتبعه بوصف " امتحن الله قلبه على الإيمان " فلا يتخيل عاقل أنه يتخلف عن رسول الله B أو يعصيه ، ولا يدخل عليا d في ذلك العموم إلا أعمى القلب عن أدوار علي d ومواقفه الواضحة في الاستجابة للرسول B وعدم التخلف عنه قيد أنملة .

 

  ومن عجيب ما تفوه به أيضا قوله أن الإمام علي d أخطأ حينما صلى التراويح عشرين ركعة .

  نقول : إن كان الكلام على مبنى السنة فهم يفتون بأن عدد التراويح عشرين   ركعة ، قال الجزيري في ( الفقه على المذاهب الأربعة ) : " ويتبين أيضا أن عددها   - التراويح - ليس مقصورا على الثمان ركعات التي صلاها بهم بدليل أنهم كانوا يكملونها في بيوتهم ، وقد بين فعل عمر ( رض ) أن عددها عشرون حيث أنه جمع الناس أخيرا على هذا العدد في المسجد " (2) .

  بل روى البيهقي في سننه الكبرى خبرا عن رسول الله B عن ابن عباس قال :  " كان النبي B يصلي في شهر رمضان في غير جماعة بعشرين ركعة ووتر " (3) .

  ولكن الصحيح أنه أمر حدد من قبل عمر ، فقد روى البيهقي في ( السنن  الكبرى ) عن السائب بن يزيد قال : " كانوا يقرأون على عهد عمر بن الخطاب    ( رض ) في شهر رمضان بعشرين ركعة قال : وكانوا يقرأون بالمئتين ، وكانوا يتوكأون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان ( رض ) من شدة القيام " (1) .

  وقد قال الشيرازي في ( المهذب في الفقه الشافعي ) : " ومن السنن الراتبة قيام رمضان وهو عشرون ركعة بعشر تسليمات " ، وقال النووي في شرحه : " أما حكم المسألة فصلاة التروايح سنة بإجماع العلماء ومذهبنا أنها عشرون ركعة بعشر تسليمات " (2) .

  وقال ابن قدامة المقدسي في ( الكافي ) وهو في فقه الإمام أحمد : " وقام النبي B بأصحابه ثلاث ليال ثم تركها خشية أن تفرض فكان الناس يصلون لأنفسهم حتى خرج عمر ( رض ) عليهم وهم أوزاع يصلون فجمعهم على أبي بن كعب ، قال السائب بن يزيد : لما جمع عمر الناس على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة ، فالسنة أن يصلي بهم عشرين ركعة في الجماعة لذلك " (3) .

  وأما روي من أن عليا صلى التروايح عشرين ركعة فقد ذكره البيهقي في ( السنن الكبرى ) : " وروينا عن شتير بن شكل وكان من أصحاب علي  kأنه كان يؤمهم في شهر رمضان بعشرين ركعة ويوتر بثلاث " (4) ، فالخبر غير مسند كما ترى ، وذكر المتقي الهندي في ( كنز العمال ) عن ابن السائب أن عليا قام بهم في شهر رمضان ونسبه لابن شاهين (1) .

  نعم روى البيهقي في نفس المصدر السابق أن عليا أمر رجلا أن يصلي بالناس ، قال : " وأما التروايح ففيما أنبأنا أبو عبد الله عن أبي الحسناء أن علي بن أبي طالب أمر رجلا أن يصلي بالناس خمس ترويحات عشرين ركعة ، قال البيهقي : وفي هذا الإسناد ضعف والله أعلم " (2) ، وقال ابن حجر في ( التقريب ) : أبو الحسناء مجهول ، وروايته عن علي d مرسلة (3) .

  نعم ذكر البيهقي نحوه في الخبر السابق على الخبر المذكور لكن في سنده حماد بن شعيب ، ذكره الذهبي في الميزان وقال : " ضعفه ابن معين وغيره وقال يحيى مرة : لا يكتب حديثه ، وقال البخاري : فيه نظر ، وقال النسائي : ضعيف ، وقال ابن عدي : أكثر حديثه مما لا يتابع عليه " (4) .

  ومن الواضح أن مثل هذه الصلاة لم تكن على عهد رسول الله B بل نهى عنها كما ذكر البخاري في صحيحه كتاب الأدب باب ما يجوز من الغضب عن زيد بن ثابت ( رض ) قال : " أحتجر رسول الله B حجيرة مخصفة أو حصيرا فخرج رسول الله B يصلي فيها فتتبع إليه رجال وجاؤوا يصلون بصلاته - وظاهره المتابعة لا الجماعة - ثم جاؤوا ليلة فحضروا وأبطأ رسول الله B عنهم فلم يخرج إليهم ، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب فخرج إليهم مغضبا فقال لهم رسول الله B ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم فعليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة " (1) .

  وقد روى البخاري في كتاب الصوم باب فضل من قام رمضان قصة استحداث هذه الصلاة في زمن عمر وتسمية عمر لها بالبدعة عن عبد الرحمن بن عبد القارئ أنه قال : " خرجت مع عمر بن الخطاب ( رض ) ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط ، فقال عمر : إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد ، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم ، قال عمر : نعم البدعة هذه ، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل ، وكان الناس يقومون أوله " (2) .

  وقد نقل البخاري قبلها قول ابن شهاب : " فتوفي رسول الله B والأمر على ذلك ، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر " (3) .

  وأما إن كان النظر إلى رأي الشيعة فهم يتفقون مع الرواية التي تصرح بأن التروايح بدعة أحدثها عمر إذ لا يجوز أن تصلى النوافل جماعة .

  فقد روى الكليني في ( روضة الكافي ) خطبة لأمير المؤمنين يذكر فيها البدع التي حدثت إلى أن يقول d : " والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الإسلام غيرت سنة عمر ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعا ولقد خفت أن يثوروا في ناحية عسكري" (1) .

   وقال السيد المرتضى كما عن ( تلخيص الشافي ) : " وقد روي أن أمير المؤمنين d لما اجتمعوا إليه بالكوفة فسألوه أن ينصب لهم إماما يصلي بهم نافلة شهر رمضان زجرهم وعرفهم أن ذلك خلاف السنة فتركوه واجتمعوا لأنفسهم وقدموا بعضهم ، فبعث إليهم الحسن d فدخل عليهم المسجد- ومعه الدرة - فلما رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا ( واعمراه ) " (2) .

  فوالله لم أستطع أن أعرف بأي منطق يتحدث حينما يقول إن من المؤاخذات على علي صلاته التروايح عشرين ركعة ؟!

 

  ومن عجيب ما تفوه به إن من أخطاء الإمام علي d أنه كان يلوذ برسول الله B في بدر .

  نقول : إنما قال علي d ذلك كما في مسند أحمد (3) لبيان أشجعية رسول الله B في المعركة ، وإلا فإن كتب التاريخ حافلة بما قام به علي d في بدر وغيرها من معارك الإسلام الخالدة وقد مر ذكر ذلك عند الحديث عن شجاعته .

  وإلى ذلك أشار ابن الأثير في تاريخه في بيان شجاعة رسول الله B : " وقال علي بن أبي طالب : كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله B فكان أقربنا إلى العدو " ، ثم يعلق ابن الأثير : " وكفى بهذا شجاعة أن مثل علي الذي هو هو في شجاعته يقول هذا ، وقد تقدم في غزواته ما يستدل به على تمكنه من الشجاعة وأنه ما يقاربه فيها أحد " (1)  .

   فالكلام قد وضع موضع المثل لبيان شجاعة النبي الأكرم B ، فهل فاته فهم ذلك الأمر الواضح ، أم كان البحث عما ينقص من قدر الإمام d هو همه الشاغل ؟

 

  ذكر أن الإمام علي d جلس بين رسول الله وعائشة حتى قالت عائشة : ما وجدت إلا فخذي .

  لم أعرف كيف يعد هذا من المؤاخذات على الإمام علي d فالمتحدث إن كان يتحدث على مبنى السنة فالرواية مكذوبة في نظرهم .

  قال ابن حجر في الإصابة في ترجمة ليلى الغفارية قالت : " كنت أغزو مع النبي B فأداوي الجرحى وأقوم على المرضى ، فلما خرج علي إلى البصرة خرجت معه ، فلما رأيت عائشة أتيتها ، فقلت : هل سمعت من رسول الله B فضيلة في علي d ، قالت : نعم دخل على رسول الله وهو معي وعليه جرد قطيفة فجلس بيننا ، فقلت : أما وجدت مكانا هو أوسع لك من هذا ، فقال النبي B : يا عائشة دعي لي أخي فأنه أول الناس إسلاما ، قال العقيلي : لا يعرف إلا لموسى بن القاسم قال البخاري : لا يتابع " (2) والحصيلة إن الرواية ضعيفة عندهم .

  وإن كان يتحدث على مبنى الشيعة واعتبرنا أن الرواية صحيحة - كما هو المحتمل قويا لتعدد طرقها - فالخطأ خطأ عائشة في تفوهها بتلك الكلمات التي تعبر عن بغضها لعلي d .

  فليس هناك خطأ في جلوس علي كما هو صريح الروايات التي أوردت الحادثة فقد نقلها ( البحار ) في عدة مواضع ، منها عن كتاب ( اليقين في إمرة أمير المؤمنين ) عن جابر الجعفي قال : أخبرني وصي الأوصياء قال : " دخل علي d على النبي B وعنده عائشة ، فجلس قريبا منها ، فقالت : ما وجدت يا ابن أبي طالب مقعدا إلا فخذي ، فضرب رسول الله B على ظهرها ، فقال : يا عائشة لا تؤذيني في أمير المؤمنين وسيد المسلمين وأمير الغر المحجلين يقعده الله غدا يوم القيامة على   الصراط ، فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار " (1) .

  فالرواية صريحة في أنه جلس قريبا منها لا ملاصقا لها وإنما هي بالغت في عبارتها فاعتبرت هذا القرب كأنه جلوس على فخذها لذا عنفها رسول الله B ولم يعنف عليا d لأنها هي المخطئة لا علي كما حاول أن يصور هذا الكاتب المتعامي .

  ورواه العلامة المجلسي في ( البحار ) عن ( أمالي ) الطوسي عن جندب بن عبد الله البجلي عن علي بن أبي طالب d قال : " دخلت على رسول الله B قبل أن يضرب الحجاب ، وهو في منزل عائشة فجلست بينه وبينها ، فقالت : يا ابن أبي طالب ما وجدت لأستك مكانا غير فخذي ! امط عني فضرب رسول الله B بين كتفيها ، ثم قال لها : ويل لك ما تريدين من أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين " (2) ، وهذه الرواية صريحة في أن الواقعة كانت قبل أن يضرب الحجاب .

  نعم ما نقله ابن أبي الحديد المعتزلي يظهر منه أن عائشة ورسول الله B كانا متلاصقين ، وكأن مجيء علي d وإدناء الرسول B له وجلوسه بقربه أوجب ابتعادها عن رسول الله B مما أغاضها فقالت ما قالت ، وهي لا تعتبر رواية   شيعية ، فقد صرح جل من ذكر ابن أبي الحديد بأنه معتزلي ووصفه بالتشيع لا يعني أنه لا يعتقد بالشيخين ، بل شرحه مليء بمدح الشيخين والدفاع عنهما ، وكثير من محدثي السنة وعلمائهم وصفوا بالتشيع ، ولكن هذا لم يعن أبدا تركهم للاعتقاد بتقديم الشيخين على علي d ، قال ابن أبي الحديد في شرحه : " ثم كان بينها وبين علي d في حياة رسول الله B أحوال وأقوال كلها تقتضي تهييج ما في النفوس نحو قولها له - وقد استدناه رسول الله فجاء حتى قعد بينه وبينها وهما متلاصقان : أما وجدت مقعدا لكذا - لا تكني - إلا فخذي " (1) ، ونكرر أن الرواية لا تدل إلا على أن رسول الله B استدناه حتى أوجب ذلك ابتعاد عائشة وجلوسه d مكانها فغضبت وقالت العبارة المنقولة ، لا أنهما تلامسا كما تصور الكاتب المتحامل .

 

  ذكر أن الإمام علي d تزوج بعد وفاة فاطمة بتسع ليال

  نقول : إن زواج علي d بعد الزهراء j كان بوصية منها وحددت أمامة بنت أختها كزوجة له ، وقد ذكر ذلك المجلسي في ( البحار ) عن ( روضة الواعظين ) :    " ثم قالت : جزاك الله عني خير الجزاء يا ابن عم رسول الله أوصيك أولا أن تتزوج بعدي بابنة أختي أمامة فإنها تكون لولدي مثلي فإن الرجال لا بد لهم من النساء " (2) ، ورواه ثانية عن كتاب سليم (3) .

  ويتضح من النص الأول أن الزواج لرعاية الأولاد ولم يكن الحديث عن فرح أو بحث عن شهوة وخصوصا مع لحاظ عمر الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم إذ لم يتعد أكبرهم ثمان سنين ، لذا لا يستبعد أن يكون الزواج بعد مدة قصيرة من رحيلها j.

  ولكن الكاتب نقل خبر زواجه بعدها بتسعة أيام من كتاب ( بحار الأنـوار ) للمجلسي ثم علق الكاتب بقوله : " هذا هو المشهور في كتب الشيعة " .

   رغم أن المجلسي نقله عن ( مناقب ) ابن شهراشوب (1) وهو بدوره نقله عن كتاب ( قوت القلوب ) ، الذي عده ابن شهراشوب من كتب العامة التي نقل منها ، قال العلامة المجلسي في ( البحار ) : " قال ابن شهراشوب في ( المناقب ) : كان جمع ذلك الكتاب بعد ما أذن لي جماعة من أهل العلم والديانة بالسماع فأما طرق العامة فقد صح لنا إسناد البخاري إسناد ( قوت القلوب ) عن القطيفي عن أبيه عن أبي القاسم الحسن بن محمد عن أبي يعقوب يوسف بن منصور السياري فأما أسانيد كتب أصحابنا فأكثرها عن الشيخ أبي جعفر الطوسي " (2) .

  فالكتاب المنقول عنه ما ذكر هو لأحد علماء أهل السنة ، ولا ينتمي للشيعة بأي صلة ، ومع ذلك يقول الكاتب بجرأة غريبة : " هذا هو المشهور في كتب الشيعة " .

والكتاب ذكره الحاجي خليفة في ( كشف الظنون ) قال : " ( قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحـيد ) في التصوف لأبي طالب بن علي بن عطية العجمي ثم المكي المتوفى سنة 386 " (3) .

 

 



(1) المنتظم - ج3 ص372

(2) فتح الباري - ج7 ص105

(3) تاريخ الخلفاء - ص199

(1) مقدمة فتح الباري - ص425

(1) مقدمة فتح الباري - ص425

(1) فتح الباري - ج6 ص151              

(2) تهذيب الآثار - ص70       

(3) نفس المصدر السابق - ص82

(1) فتح الباري - ج12 ص271

(2) نفس المصدر السابق - ص274

(1) تفسير الآلوسي - ج9 ص432

(2) الفتح : 29

(3) فتح الباري - ج3 ص11

 (1) الكهف : 54

 

 (1) فتح الباري - ج13 ص314

 

(1) تاريخ دمشق - ج55 ص324

(2) نفس المصدر السابق - ص298                      

(1) تاريخ دمشق - ج55 ص366                        (4) نفس المصدر السابق - ص370          

(2) نفس المصدر السابق - ص368                       (5) تهذيب التهذيب - ج4 ص195

(3) نفس المصدر السابق - ص369          

(1) سير أعلام النبلاء - ج7 ص226

(2) تاريخ دمشق - ج42 ص228

(1) فتح الباري - ج9 ص327  

(2) فتح الباري - ج7 ص105                                   

(3) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص173

(4) سير أعلام النبلاء - ج4 ص70

(1) فتح الباري - ج9 ص327

(2) تهذيب التهذيب - ج10 ص137

(1) فتح الباري - ج9 ص327

(1) فتح الباري -  ج6 ص214

(1) فتح الباري - ج7 ص86

(2) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص173

(1) بحار الأنوار - ج70 ص2

(2) فتح الباري - ج7 ص86

(1) سير أعلام النبلاء - ج3 ص391

(2) تاريخ دمشق - ج58 ص161

(3) بحار الأنوار - ج43 ص201

(1) فتح الباري - ج6 ص204

(2) بحار الأنوار - ج38 ص328

(1) بحار الأنوار - ج20 ص362

(2) مسند احمد بن حنبل - ج2 ص153 رقم759

(3) نفس المصدر السابق - ص332 برقم1093

(1) تاريخ بغداد - ج9 ص260

(1) سير أعلام النبلاء - ج7 ص221

(2) تاريخ بغداد - ج9 ص261

(1) السنن الكبرى للنسائي - ج5 ص151

(2) البقرة : 30

(3) فتح الباري - ج6 ص205

(4) صحيح مسلم - ج3 ص1377

(1) فتح الباري - ج6 ص205

(2) نفس المصدر السابق - ج13 ص280

(3) شرح صحيح البخاري للكرماني - مجلد12 - ج25 ص50

(1) إكمال المعلم - ج6 ص77

(1) فتح الباري - ج1 ص380

(1) فتح الباري - ج1 ص381

(2) نفس المصدر السابق - ج1 ص455

(1) صحيح مسلم - ج1 ص280

(1) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص410

(2)  الكافي - ج7 ص182

(1) علل الشرائع - ج2 ص65

(2) السنن الكبرى للنسائي - ج5 ص141 ( 8503 )

(1) صحيح مسلم - ج3 ص1694 ح34

(2) نفس المصدر السابق - ح37             

(3) فتح الباري - ج11 ص31

(1) صحيح مسلم - ج3 ص1695

(2) عارضة الأحوزي - ج5 ص119

(3) سنن أبي داود - ج4 ص515

(1) المناقب - ج3 ص382

(1) معجم رجال الحديث - ج9 ص21

(2) نفس المصدر السابق - ص25

(1) تهذيب التهذيب - ج8  ص418

(1) بحار الأنوار - ج 39 ص349

(2) صراط النجاة - ج1 ص471

(1) فتح الباري - ج6 ص222

(2) الصواعق المحرقة - ص197

(1) اللآلئ المصنوعة - ج1 ص308

(2) نفس المصدر السابق - ج1 ص312

(3) بحار الأنوار - ج41 ص166

(1) تفسير فرات بن إبراهيم - ص10

(2) قاموس الرجال - ج8 ص376

(3) البداية والنهاية - ج6 ص90

(1) الإرشاد - ج1 ص345

(1) الإرشاد - ج1 ص346

(2) بحار الأنوار - ج41 ص167

(3) نفس المصدر السابق - ج41 ص293               

(1) بحار الأنوار - ج 24 ص129                        (4) نفس المصدر السابق - ص359

(2) نفس المصدر السابق - ص126                       (5) شرح ابن أبي الحديد - ج2 ص288

(3) بصائر الدرجات - ص357

(1) بحار الأنوار - ج24 ص127

(2) النهاية في غريب الأثر - ج2 ص351

(3) بحار الأنوار - ج41 ص293

(1) صحيح مسلم - ج4 ص2007

(2) مرآة العقول - ج23 ص307

(1) مسند أحمد بن حنبل - ج5 ص264                             (4) فتح الباري - ج12 ص135

(2) صحيح البخاري - ج8 ص207

(3) فتح الباري - ج12 ص134

(1) بحار الأنوار - ج4 ص303

(1) بحار الأنوار - ج43 ص146

(2) معجم رجال الحديث - ج2 ص86

(1) تهذيب التهذيب - ج2 ص156

(2) البداية والنهاية - ج8 ص148

(3) الكفاية - ص67

(1)  الإمامة لأبي نعيم -  ص344                                    (5) مسند أبو يعلى - ج1 ص293

(2) صحيح ابن حبان - ج6 ص269                                 (6) سنن الترمذي - ج5 ص632

(3) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص110                       (7) السنن الكبرى - ج5 ص132

(4) سلسلة الأحاديث الصحيحة - ج5 ص261                      (8) مسند احمد - ج33 ص154

(1) فضائل الصحابة - ج2 ص749 (1035)                        (4) مجمع الزوائد - ج9 ص129

(2) مجمع الزوائد - ج7 ص234

(3) فضائل الصحابة - ج2 ص845

 

(1) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص121

(2) صحيح البخاري - ج4 ص25

(3) صحيح مسلم - ج2 ص745                       

(1) فتح الباري - ج6 ص619

(2) نفس المصدر السابق - ج13 ص537

(3) العواصم من القواصم - ص162

(1) البداية والنهاية - ج7 ص255

(2) نفس المصدر السابق - ص265

(1) البداية والنهاية - ج7 ص265

(1) سنن الترمذي - ج5 ص634

(2) الفقه على المذاهب الأربعة - ج1 ص325           

(3) السنن الكبرى للبيهقي - ج2 ص698 ( 496 )

(1) السنن الكبرى للبيهقي - ج2 ص698

(2) المهذب في الفقه الشافعي - ج4 ص37

(3) الكافي لابن قدامة - ج1 ص180

(4) السنن الكبرى للبيهقي - ج2 ص699 ( 496 )                

(1) كنز العمال - ج 8 ص410 برقم23476

(2) السنن الكبرى للبيهقي - ج2 ص699

(3) تقريب التهذيب - ج2 ص384

(4) ميزان الاعتدال - ج1 ص596

(1) صحيح البخاري - ج8 ص34

(2) المصدر السابق - ج3 ص58

(3) المصدر السابق

(1) روضة الكافي - ص52

(2) تلخيص الشافي - ج4 ص52

(3) مسند أحمد - ج2 ص81 ح654

(1) الكامل في التاريخ - ج2 ص170

(2) الإصابة في تمييز الصحابة - ج8 ص183

(1) بحار الأنوار - ج 39 ص200

(2) نفس المصدر السابق - ج37 ص336

(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد - ج 9 ص194

(2) بحار الأنوار - ج43 ص192

(3) نفس المصدر السابق - ص197

(1) بحار الأنوار - ج42 ص92

(2) نفس المصدر السابق - ج1 ص66

(3) كشف الظنون - ج2 ص1361