20 الفتنة زمن عثمان

 

  قيل : أن ما يروى من أن قتلة عثمان بالدرجة الأولى هم الصحابة أنفسهم وفي مقدمتهم أم المؤمنين عائشة التي كانت تقول وتنادي بقتله وإباحة دمه على رؤوس الأشهاد : " اقتلوا نعثلا فقد كفر " هو من طريق سيف بن عمر التميمي وهو كذاب مشهور.

 

  نقول : الكلام حول هذا الموضوع الأول أي قتلة عثمان يكون في محورين :

الأول : الناقمين المعترضين والمحرضين الذين ألبوا الناس على عثمان .

الثاني : المشاركين في قتل عثمان وحصاره .

  فنقول : إن محاولة إبعاد الصحابة عن كونهم من المشاركين في الثورة وتأليب الناس ضد عثمان هو رد لمسلمات التاريخ ، ولذا لم ينكر ذلك مثل ابن كثير المعروف بتعصبه للصحابة في تاريخه بل أرسلها إرسال المسلمات ، وإليك بعض النصوص التي تتحدث عن دور الصحابة في تلك الفتنة .

  فعن بداية الأزمة ودور بعض الصحابة قال ابن كثير في ( البداية والنهاية ) ( ما يوضع بين القوسين تلخيص للمطلب ) :

" ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان وكان السبب في ذلك أن عمرو بن العاص حين عزله عثمان عن مصر وولى عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح   ( بسبب شكوى الناس ) عزل عمرا عن الحرب وتركه على الصلاة وولى على الحرب والخراج عبد الله بن سعد ثم سعوا فيما بينهما بالنميمة فوقع بينهما حتى كان بينهما كلام قبيح فأرسل عثمان فجمع لابن أبي سرح جميع عمالة مصر          ( واستقدم عمرا إلى المدينة ) فانتقل عمرو بن العاص إلى المدينة وفي نفسه من عثمان أمر عظيم وشر كبير فكلمه فيما كان من أمره بنفسه وتقاولا في ذلك وافتخر عمرو بأبيه على عثمان وأنه كان أعز منه وجعل عمرو بن العاص يؤلب الناس على عثمان " (1) .

  ثم ذكر دور كل من محمد بن أبي بكر ، محمد بن أبي حذيفة ، عمرو بن بديل ، عبد الرحمن بن عديس ، كنانة بن بشر ، سودان بن حمران .    

  ويتابع قائلا : " وكره أهل مصر عبد الله بن أبي سرح ونشأت طائفة من أبناء الصحابة يؤلبون الناس على حربه والإنكار عليه وكان عظم ذلك مسندا إلى محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة حتى استنفرا نحوا من ستمائة راكب يذهبون إلى المدينة في صفة معتمرين في شهر رجب لينكروا على عثمان فساروا إليها تحت أربع رفاق ، وأمر الجميع إلى عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي وعبد الرحمن بن عديس البلوي وكنانة بن بشر التجيبي وسودان بن حمران السكوني فلما اقتربوا من المدينة أمر عثمان علي بن أبي طالب أن يخرج إليهم ليردهم إلى بلادهم وأمره أن يأخذ معه عمار بن ياسر فقال علي لعمار فأبى أن يخرج معه فبعث عثمان سعد بن أبي وقاص أن يذهب إلى عمار ليحرضه على الخروج مع علي إليهم ، فأبى عمار كل الإباء وامتنع أشد الامتناع وكان متعصبا على عثمان بسبب تأديبه له فيما تقدم على أمر وضربه إياه في ذلك وذلك بسبب شتمه عباس بن عتبة بن أبي لهب ، فأدبهما عثمان فتآمر عمار عليه لذلك وجعل يحرض الناس عليه فنهاه سعد بن أبي وقاص عن ذلك ولامه فلم يقع عنه ولم يرجع ولم ينزع " (1) . انتهى كلام ابن كثير .

 

رأي ابن تيمية في مشاركة الصحابة في قتل عثمان :

  بل إن كلام ابن تيمية يشعر بأن من الصحابة من سعوا في التأليب على عثمان فقال في ( منهاج السنة ) :

 " وأما الساعون في قتله فكلهم مخطئون بل ظالمون باغون معتدون وإن قدر أن منهم من قد يغفر الله له " (2) ، فالحديث قطعا عن الصحابة المأجورين على خطئهم عندهم ، وإلا فإن غير الصحابة يحكم عليهم بالخروج عن إمام الزمان وبالميتة الجاهلية .

 

رأي الشيخ الذهبي في مشاركة الصحابة في قتل عثمان :

  وقد ذكر مثل ذلك ابن كثير في تعليق الشيخ الذهبي ورأيه فيمن قتل الخليفة عثمان ( البداية والنهاية ) :

  " وقال شيخنا أبو عبد الله الذهبي في آخر ترجمة عثمان وفضائله  بعد حكايته هذا الكلام : الذين قتلوه أو ألبوا عليه قتلوا إلى عفو الله ورحمته والذين خذلوه خذلوا وتنغص عيشهم " (3) .

 فكيف يكون مصير قتلة عثمان إلى عفو الله ورحمته في رأي الشيخ الذهبي إلا إذا كانوا من الصحابة الذين يطبق عليهم قاعدة " من اجتهد فأخطأ فله أجر ومن اجتهد فأصاب فله أجران " .

 

حديث مناشدة عثمان للصحابة الذين منعوه الماء :

 ومما يدل أيضا على أن المحرضين على عثمان والمألبين كانوا من الصحابة ما نقله الترمذي من أن عثمان كان يناشد من سمع رسول الله B يذكر فضائله ، فلا بد أن يكون من يخاطبهم عثمان ويناشدهم بقوله " هل تعلمون أن رسول الله قال " وخطابه بعد ذلك " تمنعوني " مع الصحابة :

  روى الترمذي في سننه عن ثمامة بن حزن القشيري قال : شهدت الدار حين أشرف عليهم عثمان فقال : ائتوني بصاحبيكم اللذين ألباكم علي ، قال : فجيء بهما فكأنهما جملان أو كأنهما حماران ، قال : فأشرف عليهم عثمان فقال : أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله B قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال : من يشتري بئر رومة فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة فاشتريتها من صلب مالي فأنتم اليوم تمنعوني أن أشرب منها حتى أشرب من ماء البحر ؟ قالوا : اللهم نعم قال : أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن المسجد ضاق بأهله فقال رسول الله B : من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير منها في الجنة ، فاشتريتها من صلب مالي فأنتم اليوم تمنعوني أن أصلي فيها ركعتين ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أني جهزت جيش العسرة من مالي ؟ قالوا : اللهم نعم ، ثم قال : أنشدكم بالله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله B كان على ثبير مكة ومعه أبو بكر وعمر وأنا فتحرك الجبل حتى تساقطت حجارته بالحضيض قال : فركضه برجله وقال : أسكن ثبير فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : الله أكبر شهدوا لي ورب الكعبة أني شهيد ثلاثا .

  قال أبو عيسى هذا حديث حسن وقد روي من غير وجه عن عثمان (1) ، وقال الشيخ الألباني : حسن .

  وقد روى الرواية أحمد في مسنده - مع تصريح بأن طلحة ضمن المحاصرين له والمناشدة لطلحة - عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : " شهدت عثمان يوم حوصر في موضع الجنائز ولو ألقي حجر لم يقع إلا على رأس رجل ، فرأيت عثمان أشرف من الخوخة التي تلي مقام جبريل عليه السلام ، فقال : أيها الناس أفيكم طلحة ؟  فسكتوا ، ثم قال : أيها الناس أفيكم طلحة ؟ فسكتوا ، ثم قال أيها الناس أفيكم طـلحة ؟ فسكتوا ، ثم قال : أيها الناس أفيكم  طلحة ؟ فقام طلحة بن عبيد الله فقال له عثمان : ألا أراك ها هنا ؟ ما كنا أرى أنك تكون في جماعة تسمع ندائي آخر ثلاث مرات ثم لا تجيبني ، أنشدك الله يا طلحة تذكر يوم كنت أنا وأنت مع رسول الله B في موضع كذا وكذا " (2) .

  وروى الحاكم في ( المستدرك ) عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : شهدت عثمان يوم حصر في موضع الجنائز ، فقال : أنشدك الله يا طلحة أتذكر يوم كنت أنا وأنت مع رسول الله B في مكان كذا وكذا وليس معه من أصحابه غيري وغيرك فقال لك يا طلحة : إنه ليس من نبي إلا وله رفيق من أمته معه في الجنة وأن عثمان رفيقي ومعي في الجنة فقال طلحة : اللهم نعم ، قال : ثم انصرف طلحة (1) .

  كما قال ابن حجر في ( الإصابة ) : " وجاء من طرق شهيرة صحيحة عن عثمان لما أن حصروه أنشد الصحابة في أشياء منها تجهيزه جيش العسرة ومنها مبايعة النبي تحت الشجرة لما أرسله إلى مكة ومنها شراؤه بئر رومة وغير ذلك " (2) .

  ومما سبق يتضح الرد على من يحاول إنكار أن طلحة ومحمد بن أبي بكر كانوا ممن حاصروا عثمان ومنعوه من شرب الماء ليجبروه على الاستقالة .

  ففي رواية الترمذي التي ذكرناها سابقا يناشد عثمان من سمع رسول الله B يذكر فضائله ، فيفترض أن يكونوا من الصحابة ، ثم من سياق الرواية يتضح أن هناك محرضين أساسيين .

 " قال عثمان : ائتوني بصاحبيكم اللذين ألباكم علي ، قال : فجيء بهما فكأنهما جملان أو كأنهما حماران " .

وقال المالقي في ( مقتل الشهيد عثمان ) : " أشرف على الناس وهو محصور فقال : من يعذرني في هذين الرجلين اللذين ألبا علي الناس ، يحتمل أن يريد بالرجلين طلحة والزبير فإنهما كانا في جملة الذين تكلموا في شأن عثمان ( رض ) ، ثم بان لهما الحق فانصرفا عنه وندما على ذلك ولهذا قال طلحة لما طعن : اللهم خذ لعثمان مني حتى ترضى " (3) .

 

  وقد روى الطبري في تاريخه عن حكيم بن جابر قال : قال علي لطلحة : " أنشدك بالله إلا رددت الناس عن عثمان ، قال : لا والله حتى تعطي بنو أمية الحق من   أنفسها " (1) .

  ويؤيد ذلك ما ذكره ابن الأثير في تاريخه ( الكامل ) : " فلما قدم علي أتاه عثمان وقال له : أما بعد فإن لي حق الإسلام وحق الإخاء والقرابة والصهر ولو لم يكن من ذلك شيء وكنا في الجاهلية لكان عارا على بني عبد مناف أن ينتزع أخو بني تيم يعني طلحة أمرهم ، فقال له علي : سيأتيك الخبر ثم خرج إلى المسجد حتى دخل دار طلحة وهو في خلوة من الناس فقال له : يا طلحة ما هذا الأمر الذي وقعت فيه ؟ " (2) .

  وستجد عند الحديث عن دور طلحة في الحصار روايات أخرى تؤكد دور طلحة في التأليب على عثمان .

 

 أصحاب النبي B بالمدينة يطلبون إقامة دين محمد B :

  روى الطبري عن عبد الرحمن بن يسار قال : " لما رأى الناس ما صنع عثمان كتب من بالمدينة من أصحاب النبي B إلى من بالآفاق منهم وكانوا قد تفرقوا في الثغور أنكم إنما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عز وجل تطلبون دين محمد B فإن دين محمد قد أفسد من خلفكم وترك فهلموا فأقيموا دين محمد B فأقبلوا من كل أفق حتى قتلوه " (3) ومتن الخبر صريح في المطلوب .

وذكر الطبري موقفا لعثمان مع عبد الله بن عامر يظهر موقف الصحابة من عثمان : عن العلاء بن عبد الله بن زيد العنبري أنه قال : " اجتمع ناس من المسلمين فتذاكروا أعمال عثمان وما صنع فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا إليه رجلا يكلمه ويخبره بأحداثه ، فأرسلوا إليه عامر بن عبد الله التميمي ثم العنبري وهو الذي يدعى عامر بن عبد قيس ، فأتاه فدخل عليه فقال له : إن ناسا من المسلمين اجتمعوا فنظروا في أعمالك فوجدوك قد ركبت أمورا عظاما فاتق الله عز وجل وتب إليه وانزع عنها ، قال له عثمان : انظر إلى هذا فإن الناس يزعمون انه قارئ ثم هو يجيء فيكلمني في المحقرات فوالله ما يدري أين الله ، قال عامر أنا لا ادري أين الله ؟ قال : نعم والله ما تدري أين الله ، قال عامر : بلى والله إني لأدري أن الله بالمرصاد لك " (1) .

  وذكر السيوطي في ( تاريخ الخلفاء ) : " أخرج عن أبي الطفيل عامر ابن واثلة الصحابي أنه دخل على معاوية ، فقال له معاوية : ألست من قتلة عثمان ؟ قال : لا ، ولكني ممن حضره فلم ينصره ، قال : وما منعك من نصره ؟ قال :لم تنصره المهاجرون والأنصار، فقال معاوية : أما لقد كان حقا واجبا عليهم أن ينصروه ، قال : فما منعك يا أمير المؤمنين من نصره ومعك أهل الشام ؟ فقال معاوية : أما طلبي بدمه نصرة له ؟ فضحك أبو الطفيل ثم قال : أنت وعثمان كما قال الشاعر :

لا ألفينك بعد الموت تندبني    وفي حياتي ما زودتني زادا " (2)

  وفي كتاب ( السنة ) لابن خلال " أخبرنا عبد الله بن أحمد قال :حدثني أبي قال : قال سفيان : أهل المدينة لما وثبوا على عثمان فقتلوه قال لهم سعد : أمعاوية خير عندكم من عثمان ؟ قالوا : بل عثمان قال : فلا تقتلوه ، قالوا : نكله إلى الله ، قال : كذبة والله " (1) .

  والشاهد فيه قوله " أهل المدينة لما وثبوا على عثمان فقتلوه " .

  وممن خذل عثمان من الصحابة أبو حميد أخو بني ساعدة فقد ذكر ابن كثير في  تاريخه : " وكان ممن شهد بدرا وكان ممن جانب عثمان فلما قتل قال : والله ما أردنا قتله ولا كنا نرى أن يبلغ منه القتل " (2) .

  هذا وقد صرح ابن كثير في تاريخه بما هو إقرار بتأليب الصحابة على عثمان فقال : " إن قال قائل كيف وقع قتل عثمان ( رض ) بالمدينة وفيها جماعة من كبار الصحابة ( رض ) ؟ فجوابه من وجوه أحدها أن كثيرا منهم بل أكثرهم أو كلهم لم يكن يظن أنه يبلغ الأمر إلى قتله " (3) .

  ولكن يرده ما ذكره ابن حجر في ( فتح الباري ) في اعتزال الأحنف بن قيس القتال في حرب الجمل من أن قتل عثمان كان أمرا متوقعا عند كبار الصحابة : " فأخرج الطبري بسند صحيح عن حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن جاوان قال : قلت : أرأيت اعتزال الأحنف ما كان ؟ قال : سمعت الأحنف قال : حججنا فإذا الناس مجتمعون في وسط المسجد - يعني النبوي - وفيهم علي والزبير وطلحة وسعد إذ جاء عثمان فذكر قصة مناشدته لهم في ذكر مناقبه ، قال الأحنف فلقيت طلحة والزبير فقلت : إني لا أرى هذا الرجل - يعني عثمان - إلا مقتولا ، فماذا تأمراني به ؟   قالا : علي ، فقدمنا مكة فلقيت عائشة وقد بلغنا قتل عثمان فقلت لها : من تأمريني به ؟ قالت : علي ، فرجعنا إلى المدينة فبايعت عليا ورجعت إلى البصرة فبينما نحن كذلك إذ أتاني آت فقال : هذه عائشة وطلحة والزبير نزلوا بجانب الخريبة يستنصرون بك ، فأتيت عائشة فذكرتها بما قالت لي ، ثم أتيت طلحة والزبير فذكرتهما القصة وفيها قلت : والله لا أقاتلكم ومعكم أم المؤمنين وحواري رسول الله   B ، ولا أقاتل رجلا أمرتموني ببيعته ، فاعتزل القتال " (1) .

  ففي قوله " إني لا أرى هذا الرجل - يعني عثمان - إلا مقتولا فماذا تأمراني به ؟ قالا : علي " دليل على أن الأمر كان متوقعا عند كبار الصحابة لا خافيا كما ذكر ابن كثير .

 

 المشاركون في التحريض على عثمان من الصحابة

v       أم المؤمنين عائشة

  ما نقله عبد الرزاق الصنعاني في ( المصنف ) عن عروة قال : دخلت على عائشة أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار فذكرت عثمان فقالت : " يا ليتني كنت نسيا منسيا والله ما انتهكت من عثمان شيئا إلا وقد انتهك مني مثله حتى لو أحببت قتله  لقتلت " (2) ، وإن كانت هناك أدلة دلت على أنها أمرت بالقتل لا أنها أحبت  فقط ، المهم أن النص بهذا المقدار اعتراف منها إنها انتهكت عثمان ، ورجال سند الصنعاني موثقون . 

  وقال أبو الفداء في تاريخه : " كانت عائشة تنكر على عثمان مع من ينكر عليه وكانت تخرج قميص رسول الله وشعره وتقول : هذا قميصه وشعره لم يبل وقد بلي         دينه " (1) .

  ثم اعتزالها الفتنة وخروجها إلى مكة بعد ما جرى على أم المؤمنين أم حبيبة وعدم نصرتها عثمان جلية في رواية ابن كثير قال : " وجاء وقت الحج فخرجت أم المؤمنين عائشة في هذه السنة إلى الحج ، فقيل لها : إنك لو أقمت كان أصلح لعل هؤلاء القوم يهابونك ، فقالت : إني أخشى أن أشير عليهم برأي فينالني منهم من الأذية ما نال أم حبيبة فعزمت على الخروج " (2) .

  وفي ( الطبقات الكبرى ) لابن سعد عند ترجمة مروان بن الحكم ، يذكر كلام مروان وزيد بن ثابت وعبد الرحمن بن عتاب لعائشة عند خروجها من مكة طالبين منها البقاء ، فقالوا : " يا أم المؤمنين لو أقمت فإن أمير المؤمنين على ما ترين محصور ومقامك مما يدفع الله به عنه ، فقالت : قد حلبت ظهري وعريت غرائزي ولست أقدر على المقام ، فأعادوا عليها الكلام ، فأعادت عليهم مثل ما قالت ، فقام مروان وهو يقول :

وحـرق قيس علي البـلاد       حتى إذا استعـرت أجذمـا

  فقالت عائشة : أيها المتمثل علي بالأشعار وددت والله أنك وصاحبك هذا      الذي يعنيك أمره في رجل كل واحد منكما رحا وإنكما في البحر وخرجت إلى    مكة " (3) .

  وروى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن قيس أن النعمان ابن بشير حدثه قال : " كتب معي معاوية إلى عائشة ، قال : فقدمت على عائشة فدفعت إليها كتاب معاوية ، فقالت : يا بني ألا أحدثك بشيء سمعته من رسول الله B ، قلت : بلى ، قالت : فإني كنت أنا وحفصة يوما من ذاك عند رسول الله B ، فقال : لو كان عندنا رجل يحدثنا ، فقلت : يا رسول الله ألا أبعث لك إلى أبي بكر فسكت ثم قال : لو كان عندنا رجل يحدثنا فقالت حفصة : ألا أرسل لك إلى عمر فسكت ثم قال :   لا ، ثم دعا رجلا فساره بشيء ، فما كان إلا أن أقبل عثمان فأقبل عليه بوجهه وحديثه فسمعته يقول له : ( يا عثمان إن الله عز وجل لعله أن يقمصك قميصا فان أرادوك على خلعه فلا تخلعه ) ثلاث مرار ، قال : فقلت يا أم المؤمنين فأين كنت عن هذا الحديث ، فقالت : يا بني والله لقد أنسيته حتى ما ظننت أني سمعته " (1) .

  ونقل خليفة بن خياط في تاريخه قولا لمسروق يؤيد الروايات السابقة قال مسروق : " قالت عائشة : تركتموه كالثوب النقي من الدنس ، ثم قربتموه تذبحونه كما يذبح الكبش ، قال مسروق : فقلت : هذا عملك كتبت إلى الناس تأمرينهم بالخروج عليه ، فقالت عائشة : والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليهم بسواد    في بياض حتى جلست مجلسي هذا ، قال الأعمش : فكانوا يرون أنه كتب على لسانها " (2) .

  رواه ابن كثير في تاريخه وقال : وهذا إسناد صحيح إليها (3) .

 

  وأما ما أنكره من قول أم المؤمنين عائشة عن عثمان " اقتلوا نعثلا فقد كفر " .

  فقد ذكره ابن الأثير في كتابه ( النهاية في غريب الأثر ) : " في مقتل عثمان لا يمنعك مكان ابن سلام أن تسب نعثلا كان أعداء عثمان يسمونه نعثلا تشبيها برجل من مصر كان طويل اللحية اسمه نعثل ، وقيل النعثل الشيخ الأحمق وذكر الضباع ومنه حديث عائشة : اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا تعني عثمان وهذا كان منها لما غاضبته وذهبت إلى مكة " (1) .

  وذكره ابن أعثم في ( الفتوح ) عند ذكر خروج عائشة إلى الحج قال : " وكانت عائشة تحرض على قتل عثمان جهدها وطاقتها ، وتقول : أيها الناس هذا قميص رسول الله B لم يبل وبليت سنته ، اقتلوا نعثلا ، قتل الله نعثلا " (2) ، وذكره ابن منظور في ( لسان العرب ) مادة نعثل .

 

v       الزبير بن العوام

  قال ابن حجر في ( فتح الباري ) باب ما جاء في قول الله تعالى ] وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [ ، قلت : ورد فيه ما أخرجه أحمد والبزار من طريق مطرف بن عبد الله بن الشخير قال : " قلنا للزبير - يعني في قصة الجمل - يا أبا عبد الله ما جاء بكم ؟ ضيعتم الخليفة الذي قتل - يعني عثمان - بالمدينة ثم جئتم تطالبون بدمه - يعني بالبصرة - فقال الزبير : إنا قرأنا على عهد رسول الله B واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ، لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت " (3) .

  ذكره الذهبي في ( تاريخ الإسلام ) تاريخ الخلفاء (1) ، وفي الحاشية قال المحقق :      " رواه أحمد في مسنده بسند حسن ج1 ص165 ، وذكره ابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ج5 ص367 ، والسيوطي في الدر المنثور ج3 ص177 ونسبه إلى أحمد والبزار وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر وذكره الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) ج7 ص27 وقال : رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحاح " .

 

v       عمرو بن العاص

  تقدم ذكر ما يدل على ذلك عند نقل ما ذكره ابن كثير في ( البداية والنهاية ) في أول أحداث عام 35 ، ومن النصوص الأخرى ما ذكره ابن الأثير في ( الكامل ) :

" وخرج عمرو بن العاص إلى منزله بفلسطين وكان يقول : والله إني كنت لألقى الراعي فأحرضه على عثمان ، وأتى عليا وطلحة والزبير فحرضهم على عثمان ثم مر راكب آخر فسأله قال : قتل عثمان فقال عمرو : أنا أبو عبد الله إذا حككت قرحة نكأتها " (2) .

  ونقل الذهبي في ( تاريخ الإسلام ) الجزء المتعلق بتاريخ الخلفاء تذكير ابن عباس لمعاوية وعمرو بن العاص بدورهم في فتنة عثمان فقال : " أما أنت يا معاوية فزينت له ما كان يصنع حتى إذا طلب منك نصرك أبطأت عنه وأحببت قتله ، وأما أنت يا عمرو فأضرمت المدينة عليه " (3) .

  نقل ذلك ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) (4) .

  وروى ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) في ترجمة عمرو بن العاص قال : " وحدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص أن عمرو بن العاص قام إلى عثمان وهو يخطب بالناس فقال : يا عثمان ، إنك قد ركبت بالناس المهامة وركبوها منك ، فتب إلى الله عز وجل وليتوبوا ، قال : فالتفت إليه عثمان فقال : وإنك لهناك يا ابن النابغة ، ثم رفع يديه واستقبل القبلة وقال : أتوب إلى الله ، اللهم إني أول تائب إليك " (1) .

  وذكر ابن الأثير في ( أسد الغابة ) عند ترجمة عمرو بن العاص : " وكان يأتي إلى المدينة أحيانا وكان يطعن على عثمان " (2) .

 

v       عبد الرحمن بن عوف

  روى الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) ما يدل على وجود الجفوة بين عبد الرحمن وعثمان ، فعن سعيد بن المسيب قال : رفع عثمان صوته على عبد الرحمن بن عوف فقال له : لأي شيء ترفع صوتك علي ؟ وقد شهدت بدرا ولم تشهد ، وبايعت رسول الله ولم تبايع ، وفررت يوم أحد ولم أفر ، قال الهيثمي : رواه البزار وإسناده حسن وقد تقدمت له طريق في هذا الباب غيره " (3) .

  وروى أحمد بن حنبل في مسنده : عن عاصم عن شقيق قال : لقي عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة ، فقال له الوليد : ما لي أراك قد جفوت أمير المؤمنين عثمان ، فقال له عبد الرحمن : أبلغه أني لم أفر يوم عينين ، قال عاصم : يقول يوم أحد ، ولم أتخلف يوم بدر ، ولم أترك سنة عمر ، وعلق عليه المحقق بقوله إسناده حسن (1) .

  ونقل الطبراني نحوا منه بنفس الإسناد .

  وقال محقق الكتاب حمدي السلفي : " ورواه أحمد وابنه عبد الله وأبو يعلى والبزار كما في ( مجمع الزوائد ) ج7 ص226 وهو حديث صحيح كما قال أحمد محمد شاكر ، وذكره الهيثمي وقال : وفيه عاصم بن بهدلة وهو حسن الحديث وبقية رجاله     ثقات " (2) .

  وروى البلاذري في ( أنساب الأشراف ) عن إبراهيم بن سعد عن أبيه أن       عبد الرحمن أوصى أن لا يصلي عليه عثمان ، فصلى عليه الزبير ، أو سعد بن أبي وقاص (3) .

 

v       عبد الله بن مسعود

 ذكر الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) :

 عن كلثوم الخزاعي قال : قال عبد الله بن مسعود : ما يسرني أني رميت عثمان بسهم أخطأه ، أحسبه قال أريد قتله وإن لي مثل أحد ذهبا (4) .

  وينقل أحمد في مسنده عن أبي عون الأنصاري أن عثمان بن عفان ( رض ) قال لابن مسعود : " هل أنت منته عما بلغني عنك ؟ فاعتذر بعض العذر " (5) .

  وروى ابن عبد البر القرطبي في ( الاستيعاب ) في ترجمة عبد الله بن مسعود عن زيد بن وهب قال : " لما بعث عثمان إلى عبد الله بن مسعود يأمره بالخروج إلى المدينة اجتمع الناس إليه ، وقالوا : أقم ولا تخرج ، ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه منه فقال لهم عبد الله : إن له علي طاعة وإنها ستكون أمور وفتن ، لا أحب أن أكون أول من فتحها " (1) .

 

v       عمار بن ياسر

  من أشهر الناقمين المحرضين الناس على عثمان كما نقلنا سابقا عن تاريخ ابن   كثير : " فبعث عثمان سعد بن أبي وقاص أن يذهب إلى عمار ليحرضه على الخروج مع علي إليهم ، فأبى عمار كل الإباء وامتنع أشد الامتناع ، وكان متعصبا على عثمان بسبب تأديبه له فيما تقدم على أمر وضربه إياه في ذلك وذلك بسبب شتمه عباس بن عتبة بن أبي لهب ، فأدبهما عثمان فتآمر عمار عليه لذلك وجعل يحرض الناس عليه فنهاه سعد بن أبي وقاص عن ذلك ولامه ، فلم يقع ( يقلع ) عنه ولم يرجع ولم ينزع " (2) .

   وذكر الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) عن علقمة بن وقاص قال : " اجتمعنا في دار مخرمة بعدما قتل عثمان نريد البيعة ، فقال أبو جهم بن حذيفة : إنا من بايعنا منكم فإنا لا نحول دون قصاص ، فقال عمار : أما من دم عثمان فلا ، فقال أبو جهم : الله يا ابن سمية الله لتقادن من جلدات جلدتها ولا يقادن من دم عثمان ، فانصرفنا يومئذ من غير بيعة " ، قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله وثقوا (3) .

  وروى البلاذري في ( أنساب الأشراف ) : عن أبي الغادية قاتل عمار قال : " إنا كنا نعد عمار بن ياسر فينا حنانا ، فبينا أنا في مسجد قباء إذ هو يقول : إن نعثلا هذا ، يعني عثمان ، فقلت : لو أجد عليه أعوانا لوطئته حتى أقتله " (1) .

  وذكره الهيثمي في ( المجمع ) عن كلثوم بن جبر قال أبوغادية : " سمعته يوما في مسجد قباء يقع في عثمان فلو خلصت إليه لوطئته برجلي " ، قال الهيثمي : رواه كله الطبراني وعبد الله باختصار ورجال أحد إسنادي الطبراني رجال الصحيح (2) .

 وينقل شتم عمار لعثمان أحمد بن حنبل في مسنده (3) وتاريخ المدينة (4) والذهبي في ( تاريخ الإسلام ) القسم المتعلق بتاريخ الخلفاء (5) .

 وروى الحاكم في ( مستدرك الصحيحين ) عن رسول الله B قوله في عمار : " ما عرض على ابن سمية أمران قط إلا اختار بالأرشد منهما " (6) وقوله B : " من يسب عمار يسبه الله ومن يعاد عمار يعاده الله " (7) ، وقوله B : " دوروا مع كتاب الله حيث دار وانظروا الفئة التي فيها ابن سمية فإنه يدور مع كتاب الله حيثما دار " (8) .

 

v       أبو ذر الغفاري

  روى البخاري في كتاب العلم باب قول النبي B رب مبلغ أوعى معلقا قول أبي ذر : " لو وضعتم الصمصامة على هذه - وأشار إلى قفاه - ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من النبي B قبل أن تجيزوا علي لأنفذتها " (9) .

  قال ابن حجر في ( الفتح ) : " هذا تعليق رويناه موصولا في مسند الدارمي وغيره من طريق الأوزاعي حدثني أبو كثير - يعني مالك بن مرثد - عن أبيه قال : أتيت أبا ذر وهو جالس عند الجمرة الوسطى وقد اجتمع عليه الناس يستفتونه فأنتاه رجل فوقف عليه ثم قال : ألم تنه عن الفتيا ؟ فرفع رأسه إليه فقال : أرقيب أنت علي ؟ لو وضعتم فذكر مثله ، ورويناه في الحلية من هذا الوجه وبين أن الذي خاطبه    رجل من قريش ، وأن الذي نهاه عن الفتيا عثمان ( رض ) وكان سبب ذلك أنه   كان بالشام فاختلف مع معاوية في تأويل قوله تعالى ] وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ [ فحصلت منازعة أدت على انتقال أبي ذر عن المدينة فسكن الربذة إلى أن مات رواه النسائي " (1) .

  وأما ابن عبد البر فقد قال في ( الاستيعاب ) : " ثم استقدمه عثمان - من    الشام - لشكوى معاوية به وأسكنه الربذة " (2) .

  وروى البلاذري في ( أنساب الأشراف ) عن قتادة قال : تكلم أبو ذر بشيء كرهه عثمان فكذبه ، فقال : ما ظننت أن أحدا يكذبني بعد قول رسول الله B : " ما أقلت الغبراء ولا أطبقت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر " ، ثم سيره إلى الربذة فقال : "ردني عثمان بعد الهجرة أعرابيا " (3) .

 

 

 

 

 

 

v       محمد بن أبي حذيفة

   قال الذهبي في ( سير الأعلام ) عن محمد بن أبي حذيفة : " وكان من أشد الناس تأليبا على عثمان ، خدعه معاوية وسجنه " (1) .

   وروى الطبراني في ( المعجم الكبير ) ، عن محمد بن سيرين " أن محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة وكعبا ركبا سفينة في البحر فقال : يا كعب أما تجد سفينتنا هذه في التوراة كيف تجري ؟ فقال : لا ولكن أجد فيها رجلا أشقى الفتية من قريش ينزو في الفتنة كما ينزو الحمار لا تكن أنت هو ، قال ابن سيرين : فزعموا أنه كان هو " (2) ، ذكره الهيثمي في ( المجمع ) وقال : رجاله رجال الصحيح (3) .

 

v       جهجاه الغفاري

   قال ابن حجر في ( الإصابة ) في ترجمة جهجاه : " شهد بيعة الرضوان بالحديبية وعاش إلى خلافة عثمان " (4) .

  وقال ابن جرير الطبري في تاريخه : حدثنا أحمد بن إبراهيم ثنا عبد الله بن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع أن جهجاه الغفاري أخذ عصا كانت في يد عثمان فكسرها على ركبته (5) .

  وحديث جهجاه هذا ذكره ابن أبي شيبة في ( المصنف ) عن عبد الله بن إدريس عن عبد الله بن عمر عن نافع (6) .

 وذكر ذلك ابن حجر في ( الإصابة ) : " روى البارودي عن طريق الوليد بن مسلم عن مالك وغيره عن نافع عن ابن عمر قال : قام جهجاه الغفاري إلى عثمان وهو على المنبر فأخذ عصاه فكسرها ، ورواه ابن السكن من طريق سليمان بن بلال وعبيد الله بن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مثله ، ورواه من طريق فليح بن سليمان عن عمته عن أبيها وعمها أنهما حضرا عثمان ، قال : فقام إليه جهجاه بن سعيد بالقضيب من يده فوضعها على ركبته فكسرها فصاح به الناس ونزل عثمان فدخل داره قال : ورويناه في المحامليات من طريق حماد بن زيد عن يزيد بن حازم عن سليمان بن يسار أن جهجاه الغفاري نحو الأول " (1) .

  وذكر ذلك الذهبي في ( تاريخ الإسلام ) في أحداث عام 37 ،  عند ذكر جهجاه (2) .

  وقال ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) : " هو الذي تناول العصا من يد عثمان      ( رض ) وهو يخطب فكسرها على ركبته " (3) .

 

v       أعين بن ضبيعة 

  ذكره ابن حجر في ( الإصابة ) من الصحابة ، وذكر أنه أبو امرأة الفرزذق .

  وقد ذكر ضمن الناقمين في ( مجمع الزوائد ) : عن عباد بن أزهر أبي رواع قال سمعت عثمان يخطب : قال : إنا والله قد صحبنا رسول الله B في السفر والحضر رواه أحمد وأبو يعلى في الكبير وزاد فقال له أعين ابن امرأة الفرزدق : يا نعثل إنك قد بدلت ، فقال : من هذا ؟ قالوا : أعين ورجالهما رجال الصحيح غير عباد بن زاهر وهو ثقة (4) .

 

 

 

 

وأما الصحابة الذين ذكرت مشاركتهم في الحصار أو القتل فهم : 

  طلحة بن عبيد الله ، محمد بن أبي بكر ، عبد الرحمن بن عديس ، عمرو بن الحمق الخزاعي ، عمرو بن بديل ، كنانة بن بشر التجيبي .

  ولكن يجب التنبيبه على أن القتال بدأ من جانب عثمان نفسه فالمتحصنين في البيت معه بدأوا بقتل أحد الصحابة الذين وقفوا خارج البيت يناشدون عثمان .

  فقد روى الطبري في تاريخه عن حسين بن عيسى عن أبيه قال : " لما مضت أيام التشريق أطافوا بدار عثمان ( رض ) وأبى إلا الإقامة على أمره ، وأرسل إلى حشمه وخاصته فجمعهم ، فقام رجل من أصحاب النبي B يقال له نيار بن عياض وكان شيخا كبيرا فنادى : يا عثمان ، فأشرف عليه من أعلى داره فناشده الله وذكره الله لما اعتزلهم فبينما هو يراجعه الكلام إذ رماه رجل من أصحاب عثمان فقتله بسهم ، وزعموا أن الذي رماه كثير بن الصلت الكندي فقالوا لعثمان عند ذلك : ادفع إلينا قاتل نيار فلنقتله به ، فقال : لم أكن لأقتل رجلا نصرني وأنتم تريدون قتلي ، فلما رأوا ذلك ثاروا إلى بابه فأحرقوه " (1) .

 

v       طلحة بن عبيد الله

  كان ممن شارك في الحصار والتضييق على عثمان .

  فقد روى الحاكم في ( المستدرك ) عن علقمة قال : " قال ابن مسعود ( رض ) : قال لنا رسول الله B : أحذركم سبع فتن تكون بعدي فتنة تقبل من المدينة ، وفتنة   بمكة ، وفتنة تقبل من اليمن ، وفتنة تقبل من الشام ، وفتنة تقبل من المشرق ، وفتنة تقبل من المغرب ، وفتنة من بطن الشام وهي السفياني ، قال : فقال ابن مسعود : منكم من يدرك أولها ومن هذه الأمة من يدرك آخرها ، قال الوليد بن عياش : فكانت فتنة المدينة من قبل طلحة والزبير وفتنة مكة فتنة عبد الله بن الزبير ، وفتنة الشام من قبل بني أمية ، وفتنة المشرق من قبل هؤلاء " ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (1) .

  أما عن مسئولية طلحة عن مقتل عثمان فقد ذكر الحاكم في ( المستدرك ) عن إسرائيل بن موسى قال : سمعت الحسن يقول : " جاء طلحة والزبير إلى البصرة : فقال لهم الناس : ما جاءكم ، قالوا :نطلب دم عثمان ، قال الحسن : أيا سبحان الله أفما كان للقوم عقول فيقولون والله ما قتل عثمان غيركم " (2) .

  روى عمر بن شبة في ( تاريخ المدينة ) عن جعفر بن سليمان الضبي أن أشد الصحابة على عثمان طلحة (3) .

وذكر الطبري في تاريخه عن حكيم بن جابر قال : " قال علي لطلحة : أنشدك بالله إلا رددت الناس عن عثمان ، قال : لا والله حتى تعطي بنو أمية الحق من أنفسها " (4) .

 وذكر في ( الكامل في التاريخ ) لابن الأثير أن طلحة قد شارك في منع وصول الماء إلى بيت عثمان قال : ولم يعد علي يعمل ما كان يعمل إلى أن منع عثمان الماء ، فقال علي لطلحة : أريد أن تدخل عليه الروايا وغضب غضبا شديدا حتى دخلت الروايا على عثمان (5) .

  بل يصرح عثمان بأن المتهم الأول عنده طلحة ، قال عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة : " دخلت على عثمان فأخذ بيدي فأسمعني كلام من على بابه ، فمنهم من يقول : ما تنتظرون به ؟ ومنهم من يقول : انظروا عسى أن يراجع ، قال : فبينما نحن واقفون إذ مر طلحة فقال : أين ابن عديس ؟ فقام إليه فناجاه ، ثم رجع ابن عديس فقال لأصحابه : لا تتركوا أحدا يدخل على عثمان ولا يخرج من عنده ، فقال         لي عثمان : هذا من أمر طلحة ، اللهم اكفني طلحة فإنه حمل علي هؤلاء وألبـهم علي ! " (1) .

  والذي يؤيد هذه الأخبار ما ذكر في مقتل طلحة فقد قتله مروان بن الحكم . ذكر ذلك ابن حجر في ( الإصابة ) قال : " وروى ابن عساكر من طرق متعددة أن مروان بن الحكم هو الذي رماه فقتله منها .

  وأخرجه أبو القاسم البغوي بسند صحيح عن الجارود بن أبي سبرة قال : لما كان يوم الجمل نظر مروان إلى طلحة ، فقال : لا أطلب ثأري بعد اليوم ، فنزع له بسهم فقتله .

  وأخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح عن قيس بن أبي حازم أن مروان بن الحكم رأى طلحة في الخيل ، فقال : هذا أعان على عثمان فرماه بسهم في ركبته ، فما زال الدم يسيح حتى مات " (2) انتهى كلام ابن حجر .

  وقال القرطبي في ( الاستيعاب ) في ترجمة طلحة : " ويقال أن السهم أصاب ثغرة نحره ، وأن الذي رماه مروان بن الحكم بسهم فقتله ، فقال : لا اطلب بثأري بعد  اليوم ، وذلك أن طلحة - فيما زعموا - كان ممن حاصر عثمان واستبد عليه ، ولا يختلف العلماء الثقات في أن مروان قتل طلحة يومئذ وكان في حزبه " (3) .

ثم قال القرطبي : " روى عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد عن علي بن سعيد قال : قال طلحة يوم الجمل :

ندمت ندامة الكسعي لما      شريت رضا بني جرم برغم

اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى " (1) .

  قال البلاذري في ( أنساب الأشراف ) حدثني عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي حدثني أبو أسامة عن إسماعيل بن حكيم قال : قال طلحة يوم الجمل : " إنا داهنا في أمر عثمان فلا نجد اليوم شيئا أفضل من بذل دماءنا فيه اللهم خذ لعثمان مني حتى ترضى " (2) .

  وروى ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) عن الجارود بن أبي سبرة ، قال : نظر مروان بن الحكم إلى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل ، فقال : لا أطلب بثأري بعد اليوم ، فرماه بسهم فقتله .

  وروى عن علي بن سعيد عن عمه ، قال : رمى مروان طلحة بسهم ، ثم التفت إلى أبان بن عثمان فقال : قد كفيناك بعض قتلة أبيك (3) .

  بل أن ابن عبد البر ينقل في ( الاستيعاب ) في ترجمة طلحة خطبة لأمير المؤمنين علي d حين نهوضه إلى الجمل يتهم فيها كل من عائشة وطلحة والزبير أنهم سفكوا دم عثمان ثم صاروا يتهمون عليا ويطالبون بدم عثمان .

  قال : " ومن حديث صالح بن كيسان وعبد الملك بن نوفل بن مساحق والشعبي وابن أبي ليلى بمعنى واحد : أن عليا k قال في خطبته حين نهوضه إلى الجمل : إن الله عز وجل فرض الجهاد وجعل نصرته وناصره وما صلحت دنيا ولا دين إلا به وإني بليت بأربعة : أدهى الناس ، وأسخاهم طلحة ، وأشجع الناس الزبير ، وأطوع الناس في الناس عائشة ، وأسرع الناس إلى فتنة يعلى بن أمية ، والله ما أنكروا علي شيئا منكرا ولا استأثرت بمال ولا ملت بهوى وإنهم ليطلبون حقا تركوه ، ودما سفكوه ، ولقد ولوه دوني وإن كنت شريكهم في الإنكار لما أنكروه وما تبعة عثمان إلا عندهم ، وإنهم لهم الفئة الباغية بايعوني ونكثوا بيعتي وما استأنوا بي حتى يعرفوا جوري من عدلي " (1) .

  روى البخاري في صحيحه عن عبيد الله بن عدي بن خيار " أنه دخل على عثمان بن عفان ( رض ) وهو محصور فقال : إنك إمام عامة ونزل بك ما ترى ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج " (2) . فسمي الإمام الذي كان يصلي بالناس في ذاك الوقت إمام فتنة .

  وروى الطبري أن طلحة كان يصلي بالناس أربعين ليلة وعثمان محصور قال :      " حدثنا جعفر بن عبد الله المحمدي قال حدثنا عمرو وعلي قالا حدثنا حسين عن  أبيه عن محمد بن إسحاق بن يسار المدني عن يحيي بن عباد عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال : كتب أهل مصر بالسقيا … فحصروه أربعين ليلة وطلحة يصلي بالناس " (3) .

قال ابن كثير : والذي ذكره ابن جرير أن الذي كان يصلي بالناس في هذه المدة وعثمان محصور طلحة بن عبيد الله ، وروى الواقدي أن عليا صلى أيضا ورواية الواقدي ساقطة لا اعتبار لها (4) .

v       محمد بن أبي بكر

  قال ابن حجر في ( الإصابة ) قال الطبراني : له صحبة وهو آخر من جاء من مصر في أثر عثمان (1) .

  وروى الطبراني في ( المعجم الكبير ) (2) والهيثمي في ( مجمع الزوائد ) (3) من حديثا لعائشة تصرح فيه باشتراك أخيها محمد في الثورة مباشرة ، فعن أبي الأسود  قال : سمعت طلق بن خشاف يقول : وفدنا إلى المدينة لننظر فيما قتل عثمان فانطلقت حتى أتيت عائشة فسلمت عليها فقلت لها : يا أم المؤمنين فيما قتل عثمان أمير المؤمنين ، قالت : قتل والله مظلوما لعن الله من قتله ، أقاد الله من ابن أبي بكر به ، وساق الله إلى أعين بني تميم هوانا في بيته ، وأراق الله دماء ابن بديل على ضلاله وساق الله إلى الأشتر سهما من سهامه " ، قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير طلق وهو ثقة .

 وقال في تاريخ أبو الفداء : " نزل عليه - عثمان - جماعة فيهم محمد بن أبي بكر فقتلوه " (4) .    

  ونقل الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) : " ثم دخل عليه - يعني عثمان - محمد بن أبي بكر فقال : أنت قاتلي ، فقال : وما يدريك يا نعثل ، قال : لأنه أتى بك النبي فوثب على صدره وقبض على لحيته ، فقال : إن تفعل كان يعز على أبيك أن تسوؤه ، قال : فوجأه في نحره بمشاقص كانت في يده " ، قال الهيثمي : رواه الطبراني وفيه سياف عثمان لم يسم وبقية رجاله وثقوا (5) .

  وقد نقل الهيثمي في ( المجمع ) عن الحسن البصري تسمية محمد بن أبي بكر بالفاسق ، فقد روى عن قرة بن خالد قال : سمعت الحسن يقول : أخذ الفاسق محمد بن أبي بكر في شعب من شعاب مصر ، فأدخل في جوف حمار فأحرق ، رواه الطبراني ورجاله ثقات (1) .

  وروى ابن كثير في تاريخه قال ابن خياط :حدثنا إسماعيل عن ابن عون عن الحسن عن وثاب قال : "جاء رويجل كأنه ذئب فاطلع من باب ورجع ، وجاء محمد بن أبي بكر في ثلاثة عشر رجلا فأخذ بلحيته فعال بها حتى سمعت وقع أضراسه فقال : ما أغنى عنك معاوية وما أغنى عنك ابن عامر وما أغنت عنك كتبك قال : أرسل لحيتي يا ابن أخي قال : فأنا رأيته استعدى رجلا من القوم بعينه يعني أشار إليه فقام بمشقص فوجى به رأسه قلت : ثم مه ؟ قال ثم تعاوروا عليه حتى قتلوه " (2) .

  وقال ابن كثير نقلا عن ابن عساكر :

 " ودخل محمد بن أبي بكر وهو يظن أنه قد قتل فلما رآه قد أفاق ، قال : على أي دين أنت يا نعثل ، قال : على دين الإسلام ولست بنعثل فقال : غيرت كتاب الله ، فقال : كتاب الله بيني وبينكم ، فتقدم إليه وأخذ بلحيته ، وقال : إنا لا يقبل منا يوم القيامة أن نقول ] رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ [ وشطحه بيده من البيت إلى باب الدار ".

  ثم قال ابن كثير : " ويروى أن محمد بن أبي بكر طعنه بمشاقص في أذنه حتى دخلت في حلقه ، والصحيح أن الذي فعل ذلك غيره ، وأنه استحى ورجع حين    قال له عثمان : لقد أخذت بلحية كان أبوك يكرمها ، فتذمم من ذلك وغطى وجهه ورجع ، وحاجز دونه فلم يفد وكان أمر الله قدرا مقدورا وكان ذلك في الكتاب مسطورا " .

 والغريب قول ابن كثير أن هذا هو الصحيح رغم كونه من رواية سيف بن عمر التميمي وهو كذاب مشهور ، قال النسائي : كذاب ، قال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الإثبات ، اتهم بالزندقة .

  ويقوي خبر مشاركة محمد بن أبي بكر في قتل عثمان ما ذكره ابن الجوزي في        ( المنتظم ) : " كتب إليه معاوية إني لا أعلم أحدا كان أعظم على عثمان بلاءا منك فلا تظنن أني نائم عنك " (1) .

   أما عن انتقام معاوية من ابن أبي بكر فقد ذكره ابن الجوزي في ( المنتظم ) عن طريق الزهري : " فقال محمد : اسقوني من الماء ، فقال معاوية : لا سقاني الله إن سقيتك قطرة أبدا ، إنكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه صائما ، أتدري ما أصنع بك ؟ أدخلك في جوف حمار ثم أحرقه بالنار ، فلما بلغ عائشة جزعت جزعا شديدا ، وقنتت في دبر كل صلاة تدعو على معاوية وعمرو " (2) .

 ولذلك واجهت أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين عائشة بموقف غليظ قاس عند مقتل محمد بن أبي بكر كما ينقل ابن الجوزي في نفس الصفحة عن يزيد بن أبي حبيب قال :

 " بعث معاوية بن حديج بمولى له يقال له سليم إلى المدينة بشيرا بقتل محمد بن أبي بكر ومعه قميص محمد بن أبي بكر ودخل به دار عثمان ، فاجتمع إليه آل عثمان من رجال ونساء ، وأظهروا السرور بمقتله ، وأمرت أم حبيبة بنت أبي سفيان بكبش يشوى ، وبعثت بذلك إلى عائشة وقالت : هكذا شوي أخوك ، فلم تأكل عائشة شواءا حتى لحقت بالله عز وجل " .

  وروى انتقام معاوية من محمد بن أبي بكر بجعله في بطن حمار وإحراقه الذهبي في   ( تاريخ الإسلام ) القسم الخاص بتاريخ الخلفاء (1) .

 

v       عبد الرحمن بن عديس

  ذكر ابن حجر في ( الإصابة ) أنه صحب النبي B وسمع منه وشهد فتح مصر وكان ممن بايع تحت الشجرة ، ثم كان رئيس الخيل التي سارت من مصر إلى عثمان في الفتنة ، فلما كانت الفتنة كان ابن عديس ممن أخره معاوية في الرهن فسجنه بفلسطين ، فهربوا من السجن فأدرك فارس ابن عديس فأراد قتله ، فقال له ابن عديس : ويحك اتق الله في دمي فإني من أصحاب الشجرة ، قال : الشجر بالجبل  كثير ، فقتله (2) .

  وذكره ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) في ترجمته : " شهد الحديبية ، ممن بايع تحت الشجرة رسول الله B ، هو كان الأمير على الجيش القادمين من مصر إلى المدينة الذين حصروا عثمان وقتلوه " (3) .

  وروى ابن كثير في تاريخه : " قال أبو ثور الفقيمي : قدمت على عثمان فبينما أنا عنده فخرجت فإذا بوفد أهل مصر قد رجعوا ، فدخلت على عثمان فأعلمته ، قال : فكيف رأيتهم ، فقلت : رأيت في وجوههم الشر وعليهم ابن عديس البلوي فصعد ابن عديس منبر رسول الله فصلى بهم الجمعة وتنقص عثمان في خطبته " (4) .

v       عمرو بن الحمق الخزاعي

  ذكره ابن حجر في ( الإصابة ) قائلا : " قال : ابن السكن له صحبة ، وقال أبو عمر : هاجر بعد الحديبية ، وقيل : بل أسلم بعد حجة الوداع ، والأول أصح وقد وقع في الكنى للحاكم أبي أحمد في ترجمة أبي داود المازني من طريق الأموي عن بن إسحاق ما يقتضي أن عمرو بن الحمق شهد بدرا … ، ثم كان ممن قام على عثمان مع أهلها ، ذكر - ابن سكن - بسند جيد إلى أبي إسحاق السبيعي عن هنيدة الخزاعي قال : أول رأس أهدي في الإسلام رأس عمرو بن الحمق ، بعث به زياد إلى معاوية " (1) .

  وروى ابن كثير في تاريخه نقلا عن ابن عساكر عن ابن عون : " أن كنانة بن بشر ضرب جبينه ومقدم رأسه بعمود حديد فخر لجنبيه وضربه سودان بن حمران المرادي بعد ما خر لجنبه فقتله ، وأما عمرو بن الحمق فوثب على عثمان فجلس على صدره وبه رمق فطعنه تسع طعنات وقال : أما ثلاث منهن فلله وست لما كان في صدري عليه " (2) .

 

v       عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي

   ذكره ابن حجر في ( الإصابة ) : " قال الطبراني له صحبة ، وهو أحد من جاء مصر في أثر عثمان واستدركه ابن فتحون " (3) .

  وقد نقلنا ما رواه الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) عن أبي الأسود قول عائشة :        " وأراق الله دماء ابن بديل على ضلاله " ، قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير طلق وهو ثقة (1) .

 

v       كنانة بن بشر التجيبي

  قال ابن حجر في ( الإصابة ) : " كنانة بن بشر بن غياث بن عوف بن حارثة بن قتيرة بن حارثة بن تجيب التجيبي قال : ابن يونس شهد فتح مصر وقتل بفلسطين سنة ست وثلاثين وكان ممن قتل عثمان وإنما ذكرته لأن الذهبي ذكر عبد الرحمن بن ملجم لان له إدراكا وينبغي أن ينزه عنهما كتاب الصحابة " (2) .    

  روى الحاكم في ( المستدرك ) عن محمد بن طلحة ثنا كنانة العدوي قال : " كنت فيمن حاصر عثمان ، قال : قلت : محمد بن أبي بكر قتله ؟ قال : لا قتله جبلة بن الأيهم رجل من أهل مصر ، قال : وقيل : قتله كبيرة السكوني فقتل في الوقت ، وقيل قتله : كنانة بن بشر التجيبي " (3) .

 

   حينما قيل : " ويحدثنا التاريخ أن الصحابة هم الذين منعوا دفن جثة عثمان في مقابر المسلمين فدفن في حش كوكب بدون غسل ولا  كفن ".

  حاول الكاتب أن يساوي بين ما حدث للحسين وحدث لعثمان قائلا :  " أن عثمان لم يضره ذلك كما لم يضر علي والحسين h ما حدث لهما .

  نقول : ولكن الفارق الكبير هنا أن الصحابة لا الخوارج أو الملك الطاغي - الذي هدم الكعبة واستباح المدينة أي يزيد - هم الذين منعوا دفنه في مقابر المسلمين كما سيتضح ، وإذا كان جثمان الحسين d قد بقي في العراء ثلاثة أيام لم يدفن ، فلأنه كان في صحراء كربلاء ولم يكن في المدينة تحت أنظار المسلمين كما هو حال جثة الخليفة عثمان .

 

  ثم عاد إلى إنكار أن يكون الصحابة منعوا من دفنه قائلا : " القول بأن الصحابة هم الذين منعوا دفن جثته حكاية رواها الطبري من طريق الواقدي وهو كذاب " . 

  نقول : نقلت عدة من مصادر تاريخية خبر أن جثة الخليفة عثمان قد تركت ثلاثة أيام في كناس بني فلان لم تدفن ، وحين جيء بها للدفن قعد لها الناس في الطريق بالحجارة ، وذكرت المصادر أسماء الصحابة الذين منعوا دفن الخليفة .

  وإذا قيل أن الصحابة لم يتوقعوا أن الأمر يبلغ ما بلغ من قتل الخليفة كما قال ابن كثير ، فالسؤال أين الصحابة وأهل المدينة وخليفة المسلمين مطروح على الكناسة ثلاثة أيام ؟ ولم يدفنه إلا عدد يسير من أهله كما سيتبين وقبل ذلك رمي بالحجارة ، يجب الإجابة عن هذا حتى لو إفترضنا أن المانعين ليسوا من الصحابة .

 

 

الصحابة الذين صرح التاريخ بأنهم منعوا دفن عثمان :

v       جبلة بن عمرو بن أوس

  قال ابن حجر في ( الإصابة ) : " جبلة بن عمرو بن أوس بن عامر بن ثعلبة بن وقش بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة الساعدي الأنصاري قال : ابن السكن شهد أحدا وروى ابن شبة النميري في ( أخبار المدينة ) من طريق عبد الرحمن بن أزهر أنهم لما أرادوا دفن عثمان فانتهوا إلى البقيع فمنعهم من دفنه    جبلة بن عمرو الساعدي فانطلقوا إلى حش كوكب ومعهم معبد بن معمر فدفنوه  فيه " (1) .

 

v       أسلم بن بجرة الأنصاري

قال ابن حجر في ( الإصابة ) : " أسلم بن بجرة الأنصاري نسبه ابن الكلبي فقال : أسلم بن بجرة بن الحارث بن غيان بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة الخزرجي الساعدي ، وذكره ابن شاهين عن محمد بن إبراهيم عن محمد بن يزيد عن رجاله كذلك ، وتبعوا كلهم العدوي فإنه كذلك ذكره في نسب الأنصار ، وقال أنه شهد أحدا وقال ابن عبد البر : لم يصح عندي نسبه وفي صحبته نظر ، قلت : قد نسبه بن الكلبي وهو عمدة النسابين كما ذكرناه وتبعه بن شاهين وابن قانع وغيرهما ، وروى الطبراني في الصغير من طريق الزبير بن بكار عن عبد الله بن عمرو الفهري عن محمد بن إبراهيم بن محمد بن أسلم عن أبيه عن جده أسلم الأنصاري قال : جعلني النبي B على أساري قريظة الحديث ، وقال ابن عبد البر : هو أحد من منع من دفن عثمان بالبقيع ، ونقل البغوي عن أبي عبيد قال : أسلم بن الحصين بن النعمان الأوسي يكنى أبا جبيرة وهو غير أبي جبيرة قيس بن الضحاك ، قلت أخرج ذلك ابن شبة في ( أخبار المدينة ) من طريق مخلد بن خفاف عن عروة وقال : منعهم من دفن عثمان بالبقيع أسلم بن أوس بن بجرة الساعدي " (1) .

 

روايات أخرى تذكر المنع من دفنه

  وروى الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) عن مالك يعني ابن أنس قال : قتل عثمان فأقام مطروحا على كناسة بني فلان ثلاثا ، وأتاه اثنا عشر رجلا منهم جدي مالك بن أبي عامر وحويطب بن عبد العزى وحكيم بن حزام وعبد الله بن الزبير وعائشة بنت عثمان معهم مصباح في حق فحملوه على باب وإن رأسه تقول على الباب طق طق حتى أتوا به البقيع ، فاختلفوا في الصلاة عليه فصلى عليه حكيم بن حزام أو حويطب بن عبد العزى شك عبد الرحمن ثم أرادوا دفنه فقام رجل من بني مازن  فقال : لئن دفنتموه مع المسلمين لأخبرن الناس غدا فحملوه حتى أتوا به حش كوكب " ، قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله ثقات (2) .

  وروى الطبري في تاريخه عن أبي بشير قال : " نبذ عثمان ( رض ) ثلاثة أيام لا يدفن ثم أن حكيم بن حزام القرشي ثم أحد بني أسد بن عبد العزى وجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف كلما عليا في دفنه وطلبا إليه أن يأذن لأهله في ذلك ففعل وأذن لهم علي ، فلما سمع بذلك قعدوا له في الطريق بالحجارة وخرج به ناس يسير من أهله ، وهم يريدون به حائطا بالمدينة يقال له حش كوكب كانت اليهود تدفن فيه موتاهم ، فلما خرج على الناس رجموا سريره وهموا بطرحه فبلغ ذلك عليا فأرسل إليهم يعزم عليهم ليكفن عنه ففعلوا فانطلق حتى دفن ( رض ) في حش كوكب ، فلما ظهر معاوية بن أبي سفيان على الناس أمر بهدم ذلك الحائط حتى أفضى به إلى البقيع فأمر الناس أن يدفنوا موتاهم حول قبره حتى اتصل ذلك بمقابر المسلمين " (1) .

 

  ثم قال الكاتب : والطبري في تاريخه ذكر أكثر من رواية ففي رواية ذكر أنه دفن في حش كوكب وفي رواية ذكر أنه دفن في البقيع .

  نقول : أما رواية الطبري في دفن عثمان بالبقيع فهي رواية محمد بن عمر الواقدي الذي نقل الكاتب نفسه تضعيف بعض العلماء له فقال : قال أحمد : هو كذاب ، وقال أبو حاتم والنسائي : يضع الحديث .

  وقد أكد ابن كثير في تاريخه أن عثمان دفن خارج البقيع ، فقال في ( البداية  والنهاية ) : " وقد اعتنى معاوية في أيام إمارته بقبر عثمان ورفع الجدار بينه وبين البقيع وأمر الناس أن يدفنوا موتاهم حوله ( أي في مقبرة اليهود على رواية   الطبري ) حتى اتصلت بمقابر المسلمين " (2) .

كما أنه يظهر من ابن كثير قبوله لخبر بقاء عثمان ثلاثة أيام من غير دفن ، ولكنه اعتذر للصحابة بعذر لا يقبله سامع فقال : " وقد ذكر ابن جرير أن عثمان ( رض ) بقي ثلاثة أيام لا يدفن ، قلت : وكأنه اشتغل الناس عنه بمبايعة علي ( رض ) " .

 

 

 

 



(1) البداية والنهاية - ج7 ص190

(1) البداية والنهاية - ج7 ص191

(2) منهاج السنة - ج3 ص206

(3) البداية والنهاية - ج7 ص222

(1) سنن الترمذي - ج5 ص627

(2) مسند أحمد - ج1 ص556 ح552

(1) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص97

(2) الإصابة - ج3 ص223

(3) مقتل الشهيد عثمان - ج2 ص167

(1) تاريخ الطبري - ج3 ص433

(2) الكامل - ج2 ص535

(3) تاريخ الطبري - ج3 ص400

(1) تاريخ الطبري - ج 3 ص372

(2) تاريخ الخلفاء - ص200

(1) السنة لابن خلال - ص322 حديث410

(2) البداية والنهاية - ج7 ص217

(3) نفس المصدر السابق - ص220

(1) فتح الباري - ج13 ص35

(2) المصنف للصنعاني - ج11 ص447

(1) المختصر في أخبار البشر - ج1 ص239

(2) البداية والنهاية - ج7 ص209

(3) الطبقات الكبرى - ج3 ص292

(1) مسند احمد - ج42 ص84

(2) تاريخ خليفة بن خياط - ص104

(3) البداية والنهاية - ج7 ص218

(1) النهاية في غريب الأثر - ج5 ص68

(2) الفتوح - ج1 ص420

(3) فتح الباري - ج13 ص4

(1) تاريخ الإسلام - المجلد الخاص بتاريخ الخلفاء - ص504

(2) الكامل - ج2 ص533

(3) تاريخ الإسلام - المجلد الخاص بتاريخ الخلفاء - ص95

(4) تاريخ دمشق - ج13 ص263                         

(1) الاستيعاب - ج3 ص158

(2) أسد الغابة - ج3 ص742

(3) مجمع الزوائد ج9 ص84                   

(1) مسند احمد - ج1 ص525 ح490                               (4) مجمع الزوائد - ج9 ص93

(2) المعجم الكبير - ج7 ص226                                     (5) مسند احمد - ج1 ص518 ح479

(3) أنساب الأشراف - ج6 ص172

(1) الاستيعاب - ج3 ص115

(2) البداية والنهاية – ج7 ص191                         

(3) مجمع الزوائد - ج9 ص98              

(1) أنساب الأشراف - ج1 ص196                                 (6) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص438

(2) مجمع الزوائد - ج9 ص 298                         (7) نفس المصدر السابق - ص439

(3) مسند احمد - ج4 ص76 ، 198                                 (8) نفس المصدر السابق - ص443

(4) تاريخ المدينة - ج3 ص1102                                    (9) صحيح البخاري - ج1 ص27          

(5) تاريخ الإسلام المجلد الخاص بتاريخ الخلفاء ص434               

(1) فتح الباري - ج1 ص161              

(2) الاستيعاب - ج1 ص321

(3) أنساب الأشراف - ج6 ص168                    

(1) سير أعلام النبلاء - ج1 ص165                                 (4) الإصابة - ج1 ص265

(2) المعجم الكبير - ج1 ص83                                       (5) تاريخ الطبري - ج 3 ص400

(3) مجمع الزوائد - ج7 ص231                                      (6)  المصنف لابن أبي شيبة - ج7 ص488              

(1) الإصابة - ج1 ص265                                           (4) مجمع الزوائد - ج7 ص228

(2) تاريخ الإسلام - ص561

(3) الاستيعاب - ج1 ص420

(1) تاريخ الطبري - ج3 ص413

(1) المستدرك على الصحيحين - ج4 ص515                       (4) تاريخ الطبري - ج3 ص433

(2) نفس المصدر السابق - ج3 ص118                              (5) الكامل في التاريخ - ج2 ص535

(3) تاريخ المدينة - ص1169

(1) الكامل في التاريخ - ج2 ص541

(2) الإصابة في التاريخ - ج3 ص292

(3) الاستيعاب - ج 2 ص318

(1) الاستيعاب - ج2 ص318

(2) أنساب الأشراف - ج10 ص126

(3) الاستيعاب - ج2 ص319

(1) الاستيعاب - ج2 ص318

(2) صحيح البخاري - ج1 ص246

(3) تاريخ الطبري - ج3 ص404                          

(4) البداية والنهاية - ج7 ص198                         

(1) الإصابة - ج4 ص286                               (4) المختصر في تاريخ البشر - ج1 ص227

(2) المعجم الكبير - ج1 ص88                           (5) مجمع الزوائد - ج9 ص94

(3) مجمع الزوائد - ج9 ص97

(1) مجمع الزوائد - ج9 ص97

(2) البداية والنهاية - ج7 ص206

(1) المنتظم - ج3 ص392

(2) نفس المصدر السابق - ج3 ص393

(1) تاريخ الإسلام - المجلد الخاص بتاريخ الخلفاء - ص601                       (4) البداية والنهاية - ج7 ص203

(2) الإصابة  - ج4 ص171

(3) الاستيعاب - ج2 ص383

(1) الإصابة - ج4 ص294

(2) البداية والنهاية - ج7 ص207

(3) الإصابة - ج4 ص286

(1) مجمع الزوائد - ج9 ص97

(2) الإصابة - ج5 ص65

(3) المستدرك على الصحيحين - ج3 ص114

(1) الإصابة - ج1 ص233

(1) الإصابة - ج1 ص36

(2) مجمع الزوائد - ج9 ص95

(1) تاريخ الطبري - ج3 ص438

(2) البداية والنهاية - ج7 ص213